الرجل الذي رأى الغد (2)
بقلم : د. مؤمن احمد عباس
drahmed_momen@yahoo.com
مرحبا بكم..
في المقال السابق حدثتكم عن (ميشيل نوستراداموس) أشهر عراف في تاريخ البشرية..
العراف الذي أحدثت نبوءاته - وما زالت تحدث- دويا هائلا بين البشر..
تحدثت عن نبوءات الرجل التي تحققت بحذافيرها..وتركت المؤيدين يدلون بدلوهم..وأنهيت الجزء الأول عند هذا الحد لأرى ردود أفعالكم..
وكما توقعت تماما..
أحدث المقال دويا بينكم..وأثار فيكم نفس ما أثاره في كل من قرأ عن الرجل ونبوءاته..
لقد فجر في عقول الجميع ألف سؤال وسؤال..
هل تنبأ (نوستراداموس) بالأحداث العالمية الحالية بالفعل؟
وهل من المحتمل أن تصدق توقعاته باستخدام الكواكب وعلم الفلك؟
علي أي أساس بني تنبؤاته ولأي مدى استطاع أن يثبت صحتها ؟
هل كان (نوستراداموس) نبي يوحى إليه أم كان متنبئ كذاب ملبوس بأرواح شريرة ومتأثر بترهات ويستعين بالسحر والجن؟
يا ترى ما هي توقعاته بالنسبة لمستقبلنا؟..
من هو (نوستراداموس) ؟؟؟
وانقسمتم فيما بين :
1-مؤيدين
للرجل منبهرين به مصدقين ومؤمنين بنبوءاته دون أن يسألوا أنفسهم كيف لرجل
عادي لم يكن يوما من القديسين أو الأنبياء أن يتنبأ بكل دقة بأحداث ستحدث
بعد وفاته بقرون؟؟
تناسوا أنه لو كان يعلم الغيب حقا لكان قد استطاع –
على الأقل – منع وفاة زوجاته وأطفاله بمنع إصابتهم بالطاعون من
الأساس..ألم يكن ليعلم متى وكيف يمكن أن تصاب أسرته بالطاعون وهو الطبيب
النابغة فيمنع هذا لو أنه حقا اطلع الغيب أو التمس الوحي الرباني؟..أو كان
استطاع حماية نفسه من الإصابة بالنقرس ومن ثم الاستسقاء الذي أودى في
النهاية بحياته هو شخصيا..
2- معارضين
أخذتهم الحمية فانطلقوا يهاجمون الرجل واضعين فرضيات عقلانية لنبوءاته تلك
انحصرت في كونه أفاق استولى على الكتب القديمة واستلهم منها رباعياته تلك
وأنه بعيد كل البعد عن الوحي الرباني..
ولكنهم تناسوا وضع تفسير عقلاني
مستساغ لأحداث تنبأ بها في حياته كواقعة البابا (سكستوس الخامس) أو الملك
(هنري الرابع) وأيضا بعد وفاته كالثورة الفرنسية وغيرها من الأحداث التي
لا يعقل أن تحتويها كتب تتحدث عن نهاية الزمان..
3-برز
صنف ثالث منكم أعجبني أنا شخصيا..حركته ثوابته الدينية وإيمانه المطلق
بالله في أن يقول تلك المقولة الخالدة..(كذب المنجمون ولو صدقوا)..وبعضهم
بالمناسبة يقولها (ولو صدفوا) وهي برأيي أصدق..
هذا الصنف حركه التسليم المطلق بأن الغيب لله لا يطلع عليه إلا من يشاء من رسله وأنبيائه..
ومن
منطلق هذا الإيمان المطلق ترسخ لديه كذب الرجل..ولكنهم لم يجهدوا أنفسهم
بالبحث عن تفسير عقلاني لكل ذلك..وهذا برأيي قصور وددت لو لم يوجد..
ومن بين كل ذلك برز تعبير ورد في تعليق للأخت الفاضلة (قارئة) أعجبني للغاية حين قالت:
(لقد قام الغرب بتركيب اللحن على الكلمات)..
قول موجز ورائع بالفعل..
ولكنه للأسف لم يصب كبد الحقيقة...
لذلك كان لزاما علي أن أكتب هذا المقال..وفيه بمشيئة الله سأكشف بجلاء عن مصادر الرجل التي أخفاها عن الجميع..
سأكشف حقيقة الرجل الذي حار الجميع في فهمه..
سأجيب بوضوح عن السؤال الذي أجهد عقول الجميع:
هل اطلع الرجل الغيب؟
أم أنه كان مجرد أفاق نجح في خداع الجميع؟؟
.................................................................
الآن دعونا نستعرض أقوال المعارضين وبراهينهم..
يقول المعارضون :
*إننا كبشر نتوق لمعرفة ما يخفيه لنا المستقبل..فمن منا لم يحلم يوما بمعرفة مستقبله؟؟..
ففي
خطوات حياتنا المهمة نحاول أن نتعرف على احتمالات ما سيحصل لنا فيما لو
اتخذنا هذه الخطوة أو تلك..ونجهد أنفسنا في التفكير واستقراء الاحتمالات
المستقبلية..السيئ منها قبل الجيد.. فإن كانت تحفها المخاطر في المستقبل
تركناها وإن كانت فيها إمكانية النجاح و السعادة أخذنا بها ونفذناها..
و
ما يساعدنا على هذا المنهج في حياتنا كبشر هو أن كل ما يجري من حولنا
إنما يجري وفق نواميس أو علاقة السبب بالأثر و المقدمة بالنتيجة مما يعطي
الإنسان قدرة فائقة للغاية في السيطرة على الطبيعة و البيئة التي تحيط به
بكل أنواعها و التحكم بدرجة التأثير التي يرومها من هذا السبب أو ذاك ..
(لذلك يكون المنجمون دوما على مر العصور في مصاف نجوم المجتمع ويستعين بهم الساسة في أدق الأمور)...
*في صباي قرأت قصة قصيرة لد.(نبيل فاروق) بعنوان (لو علمتم الغيب) تتناول تلك الفكرة..
حيث
تحكى عن شخص فقير علم بالمصادفة بموعد وفاته في المستقبل بعد خمسين سنة
وأنه سيصير غنيا جدا وذلك حين قرأ نعيه في جريدة مستقبلية أتته مصادفة عبر
طاقة انفتحت بين الأزمنة ..فانطلق يعربد في الحياة غير عابئ بأي
أخطار..والنجاحات تحوطه والأموال تغدق عليه من كل جانب حتى كان يوما أصيب
فيه في حادث سيارة إصابة بالغة أفقدته حواسه وصار طريح فراشه كالميت
الحي..يسوم من العذاب ما لا يطيق وفوق كل العذاب عذاب معرفته بأن الموت
الذي سيرحمه من هذا العذاب لن يأتي إلا بعد خمسين سنة..
*أما بالنسبة لنوستراداموس فقد امتلك ملكة الاستبصار فطورها واعتنى بها لا شك في هذا..
كذلك فقد عاش الرجل في (أوروبا) في القرن السادس عشر..
وكما
نعرف من كتب التاريخ فقد كان القرن الخامس عشر و بداية القرن السادس عشر
زمنا غنيا بالأحداث والمتغيرات الاقتصادية والسياسية والدينية..
وكانت
(أوروبا) تعيش فيما يشبه العصر الجليدي بداية من العقد الثاني من القرن
الخامس عشر حيث أصابت الأوبئة البشر والمحاصيل في ذلك الزمان فدمرتها وقضت
على مدن بأكملها..
كما اشتدت الحروب بين حكام (أوروبا) صراعا على السلطة ..
واجتاحت جيوش (سليمان العظيم) شمال شرق (أوروبا) من (تركيا العثمانية) حتى مشارف (فيينا)..
وبدأ
الناس في ذلك الزمان ينظرون إلي المستقبل بتشاؤم بالغ وصارت شهية العامة
قوية لقراءة الكتب التي تتحدث عن المستقبل والنبوءات..مما مهد الطريق
لبزوغ نجم الرجل..
......................................................................
ومازلنا مع أقوال المعارضين حيث يقولون :
بادئ ذي بدء هناك سبعة محاور مثلت خطا عاما في حياة الرجل عامة وبالتالي في نبوءاته – أو إن شئنا الدقة- رباعياته..
1- نشأة (نوستراداموس) اليهودية والعلوم التي تلقاها على يد جده (جان)..
حيث
من الثابت تاريخيا أن جده علمه أصول الرياضيات والفلك واللغات القديمة
كاللاتينية والعبرية واليونانية فضلا عن تعليمه أصول سحر الكابالا
والتنجيم والأهم إطلاعه على نصوص التوراة والتلمود وأسفار العهد القديم
كما اعترف هو نفسه بل وتفاخر بذلك..
2-
بعد اعتناق أسرته للمسيحية وتحوله ليكون مسيحيا كاثوليكيا كان من الطبيعي
أن يتعمق في دراسة الإنجيل وأسفار العهد الجديد حتى ينفي عن نفسه وأسرته
أي شبهة تعلق باليهودية حيث لا يخفى على أحد أنهم تحولوا إلى المسيحية من
اليهودية لا اعتقادا بصدق المسيحية ولكن لينجوا بأنفسهم من الويلات التي
تعرض لها اليهود في (أوروبا) في زمانهم.. ولكن برغم كل ذلك ظل ماضيهم
يطاردهم..وظهر ذلك جليا في :
- خوف والد (نوستراداموس) على ولده من
اتهامه بالهرطقة حين جهر بتأييد نظرية (ديفيد كوبرنيكوس) حول كروية
الأرض..ما دعاه لإرساله إلى (مونبلييه) لدراسة الطب هربا من مطاردة محاكم
التفتيش..
- وكذلك اتهام (نوستراداموس) نفسه بالهرطقة فيما بعد على
خلفية ملاحظة عابرة غير ذات قيمة أبداها لدى رؤيته لمثال يصنع تمثالا
للسيدة العذراء..ما دعاه لمعاودة الترحال هاربا..ولكن هذه المرة خارج
(فرنسا) حيث اتجه إلى (إيطاليا)..
3-
من الثابت تاريخيا أن الرجل أتى بوصفات جديدة لمقاومة الطاعون عارضها
الأطباء في زمانه واشتهر بها بين الناس لدرجة أن يقصده الناس من كافة
أنحاء (فرنسا) طلبا للشفاء..
فبدا لوهلة أن الأطباء يعارضونه غيرة
وحنقا وحسدا..ولكنهم في حقيقة الأمر عارضوه لأن طرقه تلك كانت تخالف كافة
الأعراف الطبية..بمعنى آخر كانت قائمة على الدجل والخرافات..حيث كان يعتمد
على لمس المرضى ثم إعطائهم بضع أعشاب مع شربة من ماء كان يدعى أنه
مقدس..فتزول أعراض المرض..
فبدا أنه معالج روحاني لا طبيب..واثبات ذلك
هين ويتمثل في عدم تمكنه من شفاء زوجته وطفليه من المرض الذي ظل يحاربه
وينتصر عليه لسنوات.. ومن الغريب أن هذا الرجل الذي توقع أحداثاً رهيبة
وقعت في القرن العشرين، لم يتوقع أن تموت زوجته وابنه وابنته معا.. ورغم أن
هذا الحادث الرهيب قد هز صورته ووزنه ونبوءاته عند الناس لكنه استطاع أن
يسترد قدرته الخارقة عندما استدعاه الملوك والأمراء لقراءة طالعهم.
كذلك
برغم نشره لطرقه تلك في كتاب عام 1552 كما أسلفت إلا أن الباحث في كتب
الطب وأمهات الكتب لا يجد أي طريقة علاجية لعلاج الطاعون نسبت إلى
(نوستراداموس) كغيره من فطاحل الأطباء – إن كان من فطاحلهم – ما دعا البعض
للتشكيك في شهاداته الجامعية نفسها بل والقول بأنه لم يكن سوى معالج
روحاني وليس بطبيب..وإثباتا لذلك انظروا إلى ما قاله بعض المرضى الذين
شفوا على يديه
تقول (جانيت بريجييه) :
(إنه رجل ساحر..يمتلك عينين
آسرتين..تكفيك لمسة من يده كي تشعر بالطاقة والحيوية تدب في أنحاء جسدك..ثم
تقوم معافى وقد زال عنك المرض..أنا مدينة له بحياتي)..
ويقول (جان فرانسوا سيدان):
(هذا
رجل قلما يجود الزمان بمثله..أنا سعيد الحظ أن تواجدت معه في ذات الحقبة
الزمنية وعاصرته..إن (إسكليبوس) تجسد فيه لا شك في ذلك..)
- والآن هاكم مفاجأة من العيار الثقيل :
يقول (بيتر لوبيسيريه) في كتابه الشهير بعنوان) نوستراداموس الذي لا يعرفه أحد) :
(مع
أنه حصل على شهادة الطب من جامعة (مونبلييه) إلا أن هناك وثائق تقول أنه
قدم أوراق للدخول الي جامعة (مونبلييه) في عام 1529 إلا أن (جولوم رونديل)
المسئول عن تسجيل الطلبة رفض طلب التحاقه بالجامعة لأنه كان مصاب بنوع من
الصرع..كما لا توجد أية وثائق تثبت إعادة التحاقه بالجامعة.
وبعد أن رفضوا قبوله بالجامعة أخذ يتجول علي الطرق السريعة في أوربا كصيدلي..
وحين
أصاب الوباء (بروفانس) في عام 1526 هرب جميع الأطباء المحليين في رعب..
فقد نصح الطبيب المشهور (تولوز أوجير فرير) - الذي كان في أخر عام بالكلية
قبل التخرج كطبيب - رفقاءه بالهروب والعودة بعد انتهاء الوباء. ولم يبق
بالمقاطعة وقتها إلا الطبيب المشهور (أيكس مرسيني) ولم يعد هناك معاونين..
لذا
فقد عين (أيكس)) نوستراداموس) مساعدا له لمحاربة الوباء على خلفية
معلوماته الطبية (بمعنى أوضح مجرد ممرض) في يونيو عام 1526 ..
(وركب
(نوستراداموس)الموجة وظن نفسه طبيبا) وقام بعمل خلطات من عدة حبوب من
الورود كنوع من العلاج ضد الوباء المنتشر ..واعترف فيما بعد أن هذه
الأدوية لم يكن لها فاعلية في مكافحة الوباء وماتت زوجته وأبنيه بعد ذلك
بسبب ذلك الوباء نفسه بعد أن جرب معهم خلطاته تلك).
4-
اعترف الرجل في رسالته لابنه (قيصر) بأنه حفظ عن ظهر قلب كتاب قديم اسمه
(أسرار مصر) وهذا الكتاب من تأليف اليوناني(يامبليخوس).. وقد ذكر أنه وجد
في هذا الكتاب علماً لم يعرفه أحد.. وأن كتاب (أسرار مصر) ليس إلا أسرار
الكرة الأرضية ..وأنه يستطيع عن طريق هذا الكتاب أن يعرف ما الذي يجري وما
الذي سوف يجري في كل بقاع الأرض..وأنه اضطر لحرقه مع ما أحرق مع غيره من
المخطوطات النادرة التي كانت بحوزته خوفا من أن يسيء الناس استخدامها فيما
بعد كما قال..
أو في الحقيقة حتى لا يعلم الناس المصادر الخفية والحقيقية لنبوءاته كما لم يقل..(واضح أنها مخطوطات وكتب سحر)..
كذلك
من الثابت تاريخيا ممارسته التنجيم وقراءة الطالع بصورة موسعة..حتى وصل
صيته إلى الملكة (كاترين) التي استدعته لقصرها في (باريس)..وطلبت منه
قراءة طالع أولادها..والثابت أنه أخبرها بأنهم كلهم سيصيروا ملوكا دون أن
يخبرها بالأهوال والويلات التي ستنال منهم..
وكذلك لم يترك بيتا في (أوروبا) زاره إلا وقرأ طالع قاطنيه كما أسلفت..
ما
دعا الكنيسة لفتح تحقيق موسع حول استخدامه للسحر فاضطر للهرب من القصر
الملكي واعتزال الناس في بيته في مدينة (صالون) حيث أقعده مرض
النقرس..ولكنه لم يعتزل المهنة وإنما مارسها سرا بقراءة طالع الناس وخصوصا
الأغنياء منهم مقابل نفحات مالية..
أي أنه لم يعتزل الناس لكتابة
تنبؤاته..وإنما اعتزلهم مجبرا هربا من ملاحقة الكنيسة ومحاكم التفتيش
واتهامهم له بالهرطقة وممارسة السحر فضلا عن النقرس الذي أقعده..
ومن
الثابت تاريخيا قيام الملكة (كاترين) بجولة لتفقد أنحاء المملكة الفرنسية
عام 1664 بعد انحسار وباء الطاعون زارت خلالها مدينة (صالون) والتقت
بنوستراداموس.. حيث زارته مع أولادها وزوجها في بيته وتناولوا معه طعام
الغداء..ولم يخل الأمر بالطبع من نفحة ملكية..
5-
إن كتاب (القرون) وإن كان مجموعة ضخمة من التنبؤات التي تغطي حوالي 450
سنة من توقعات ورؤى (نوستراداموس) لمستقبل العالم. إلا أننا نستطيع أن
نكتشف فيها خطا عريضا أو خيطا متصلا تنتظم فيه أغلب نبوءاته تلك..
ذلك
أن (نوستراداموس) كان فرنسياً من ناحية و كان مسيحياً كاثوليكياً من ناحية
ثانية .. ولهذا فقد انصب أكثر اهتمامه في نبوءاته على (فرنسا) و على
الكنيسة الكاثوليكية و مقام البابوية واعتبرها العمود الفقري للحضارة
الغربية و مجدها و ركز كثيراً على المناطق التي تمثل الكنيسة الكاثوليكية
مثل (أسبانيا) و (إيطاليا).. و قد كان هذا المعنى فيما يبدو مستقراً في
خلفية ذهنه أثناء رؤاه المستقبلية و يشكل بذلك الخط العريض الذي يبرز
أمامك في أغلب ما كتبه ..
وكمثال على ذلك :
1-
رباعيته التي اعتبر فيها سنة 1792 بداية لعهد جديد و ذلك في رسالته إلى
الملك (هنري الثاني) مشيرا بذلك إلى أهمية تلك السنة و خطورتها..و هي سنة
إعلان الجمهورية في (فرنسا) كما أسلفت.. وهنا كما نرى يحدد الرجل التاريخ
بدقة..
2- الحادثة الثانية التي يذكر لها تاريخاً محدداً و التي هي
امتداد أو تعبير آخر عن نفس الخط المذكور هي ما ذكره في رسالته لولده قيصر
مشيراً بها إلى الكاتب الفرنسي (جان جاك روسو) حيث يقول له :
( بحسب
العلامات السماوية فإن العصر الذهبي سوف يعود بعد فترة اضطرابات ستقلب كل
شيء وتلك الفترة ستأتي من لحظة كتابتي لهذا بعد 177 سنة و ثلاثة أشهر و
أحد عشر يوما.. وستجلب معها فساد الأفكار و الأخلاق و الحروب و المجاعات
الطويلة)..
و قد كتب رسالته هذه في مارس عام 1555 حسب التاريخ المذكور
في أسفلها فإذا أضفنا إليها عدد السنوات التي ذكرها فإن النتيجة ستكون
1732 و هي السنة التي وصل فيها (جان جاك روسو) إلى (باريس) كما أسلفت وقد
توقع لهذه الاضطرابات و التقلبات أن تسود العالم ابتداء من ظهور (روسو) و
مجيء الثورة الفرنسية على مسرح الحياة إلى نهاية القرن العشرين حيث تصل
التحولات إلى ذروة من الشدة و العنف في النصف الثاني من سنة 1999 ( و هو
تاريخ آخر ذكره بالتحديد أيضا) و التي اعتبر أنها هي موعد النهاية الفعلية
للكنيسة و للبابوية و للسيطرة الغربية و التي سيأتي بعدها العصر الذهبي
الذي جاء ذكره في رسالته إلى ابنه. .
كذلك فإنه رأى بأن تاريخ الحضارة
الغربية و النصرانية يرتبط بقوة بتاريخ بني إسرائيل و بفلسطين التي هي
مسقط رأس السيد المسيح عليه السلام ومنطلق النصرانية. .
كل ذلك يدل على عناية خاصة بفرنسا و بالكنيسة دون غيرهما.
من
جانب آخر فإنه من الممكن جداً أن يكون (نوستراداموس) قد أطلع على كتب
المسلمين ..ما وصل إلينا منها و ما لم يصل من أخبار الملاحم التي زخرت
بالأحاديث النبوية الشريفة التي تخبرنا عما ستأتي به الأيام في مستقبل
الزمان و استنسخ منها ما شاء له المقام..
فللعالم الإسلامي و العربي
أعظم الخطر و أحسم المواقف في تنبؤاته , و قد ورد ذكر المسلمين بسميات
مختلفة تارة باسم أقوامهم و شعوبهم المختلفة و تارة باسم بلدانهم و مناطق
تواجدهم المعروفة..
فهو
يسميهم الأندلسيين (المور) أو البرابرة (نسبة إلى البربر في شمال
إفريقيا) و العرب.. و الفرس.. أو يقول الإسماعيليين والمحمديين.. أو يقول
(فاس) و (الجزائر) و (تركيا) و (قرطاجنة) و (العراق) و (فلسطين)...الخ ...
حيث جاءت هذه التسميات فيما لا يقل عن 110 من نبوءاته أي حوالي 1/10 من
مجموع نبوءاته كما أسلفت...وأغلبها من السداسيات التي سماها (الإنذارات)
والتي ربط حدوثها بأحداث نهاية العالم...
6- في عام 1533 كان أكثر الكتب شهرة وانتشارا بين الناس كتاب (ميرا بيليس) والذي قطعاً اقتناه (نوستراداموس) ..
ومحتويات
هذا الكتاب كانت مأخوذة من نبوءات الكتاب المقدس في سفر الرؤيا وحزقيال
إصحاح 38 و 39 اللذان يتحدثان عن أرض يأجوج ومأجوج وهجوم الحلفاء علي
إسرائيل..
وأيضا النبي (يوئيل) الذي يتحدث عن هذه الجيوش.. وهاكم مقتطفات من الكتاب..
(ومن
وسط الهدوء فجأة يظهر من الشمال مع جوج ومأجوج دولة سوف ترعب العالم كله .
وسوف يهرب الكثيرون من الفزع والخوف من تلك الجيوش الزاحفة الي الجبال
وبين الصخور . هذه الدولة ليست من نسل (يافث). سيكونون كالوباء الشمالي
الذي يلتهم الجثث البشرية والثعابين والأطفال والنساء).
ونقرأ في سفر حزقيال 38: 2-9 عن (هرمجدون):
(يا
ابن آدم أجعل وجهك على أرض جوج ومأجوج رئيس روش وماشك وتوبال وتنبأ عليه
وقل هكذا قال السيد الرب هاأنذا عليك جوج رئيس روش وماشك وتوبال وأرجعك
وأصنع شكائم في قلبك وأخرجك أنت وكل جيشك خيلا وفرسانا وكلهم لابسين أفخر
لباس جماعة عظيمة مع أتراس وتيجان كلهم ممسكين السيوف فارس وكوش وفوت معهم
بمجن وخوذة وجومر وكل جيوشه وبيت توجرمة من أقاصي الشمال مع كل جيشه
شعوبا كثيرين معك. أستعد وهيئ لنفسك أنت وكل جماعتك المجتمعة إليك فصرت
لهم موقرا بعد أيام كثيرة علي جبال إسرائيل التي كانت دائما خربة للذين
أخرجوا من الشعوب. وسكنوا آمنين كلهم. وتصعد وتأتي كزوبعة وتكون كسحابة
تغشي الأرض أنت وكل جيوشك وشعوب كثيرون معك.)
وتنبأ
النبي (حزقيال) بغزو إسرائيل وتشتت هذه الأمة بين الشعوب ثم أعادة لم
شملها ورجوعها مرة أخرى في آخر الزمان. ويقوم بالغزو جيوش الحلفاء وفي
مقدمتهم جوج الذي يأتي من أطراف الشمال - وكثير من أسماء هؤلاء الحلفاء
معروف لنا اليوم.- نرى ذلك بوضوح في سفر(حزقيال 39: 2)..
ففي (حزقيال39 :2 - 6):
(يتدخل
الله العلي عن طريق الزلازل والأمراض والأمطار الغزيرة والحرائق والثلج
والتفرقة الداخلية بين جيوش الحلفاء. وهكذا يهزم جيوش الحلفاء شر هزيمة)
وفي (حزقيال 39) نقرأ أيضا
(واضرب
قوسك من يدك اليمني وأسقط سهامك من يدك اليمني فتسقط علي جبال إسرائيل
أنت وكل جيشك والشعوب الذين معك. فتكون مأكلا للطيور الكاسرة من كل
نوع.وحوش الحقل علي وجه الحقل تسقط لأني تكلمت - يقول السيد الرب.- وأرسل
ناراً علي مأجوج وعلي الساكنين في الجزائر آمنين فيعلمون أني أنا الرب)
وفي
(حزقيال 39 :14-15 ) نقرأ عن رجال يمكثون لمدة سبعة أشهر يقبرون الجثث
وإذا وجد أحدهم عظم إنسان فإنه يلفه بالقماش ويدعه حتى يقبره القابرون
فيما بعد...
يتكلم هنا عن دفن آلاف البشر بسبب كارثة ألمت بالبشر (ربما
نتيجة إلقاء القنابل الذرية ثم الإشعاع الناتج عنها)..والقابرون ربما
يكونون فرق تطهير خاصة. وعملية الدفن هذه تتم في مدينة اسمها
(هموته-جوج)..
7- لقد قام (نوستراداموس)
بدراسة موقع الكواكب المختلفة واستخدام كتب تحتوي علي الجداول المتعلقة
بتلك الكواكب مثل جداول (الفونسين) والتي دونتها (جين دي ماريز) وكانت
متوفرة للعامة منذ القرن الرابع عشر أو جداول (دي ماجنس كونيستثاس) في
القرن التاسع والتي استخدامها (نوستراداموس) من حين لآخر..
وبني تكهنات
بحدوث أحداث متشابهة على أساس أن التاريخ يعيد نفسه كما ترك أيضا مجالاً
للقارئ ليستشف أو يتوقع أحداث أخرى من نفسه بأسلوبه الغامض المميز
لرباعياته.
والتنبؤ بهذه الكيفية لا يحتاج الي عرافة أو سحر. فقد قام
الفلكي الأشهر(كاسريوم( بوضع نظام معين ليدون فيه المنجمون افتراضاتهم
المزعومة لتسهيل مهمتهم..
وقد أعتبر علماء الفلك (نوستراداموس) (رجلاً تنقصه الكفاءة والمؤهلات) ليكون واحداً منهم..
يقول الفلكي (بيتر بيمرييه) :
(إن
الحقيقية الواضحة هي أن (نوستراداموس) لم يكن عالما فلكيا أو منجما وكل
تنبؤاته التي تفوه بها انتابها على الأقل خطأ واحد كما أن نصف تنبؤاته
الأخرى تضمنت أخطاء عديدة)
والحقيقة أن (نوستراداموس) كان يشترط على عملائه أن يأتوه ومعهم جداولهم الفلكية والتي يقوم بإعدادها علماء الفلك قبل زيارته!!
لقد أثار هذا العجب في أذهان البعض وتساءلوا عن حاجتهم الي (نوستراداموس)..
فهذا يشبه مريض ذهب ليأخذ رأي طبيب ثان بعد أن شخص الأول حالته بدقة..
..............................................................
ويوجز المعارضون كل ما سبق فيما يلي :
1- (نوستراداموس) ببساطة مجرد ساحر أفاق درس علم التنجيم وبرع فيه ركوبا للموجة التي كانت منتشرة في تلك الأيام..
2-
ممارسته للسحر والتنجيم ساعدته في أن يظهر في صورة الرجل الخارق الذي ما
إن يقول شيئا حتى يتحقق..فكلنا يعلم أن الساحر يأتيه الجن بخبر السماء في
أحداث ستحدث في المستقبل القريب..
وهذا يفسر الأحداث التي تنبأ بها في حياته مثل حادثة البابا (سكستوس الخامس) أو الملك (هنري الرابع) أو واقعة الخنزير الأبيض..
3-
أما إدعاؤه بأنه كان يتنبأ بأحداث في حياته ويكتمها عن الناس مترقبا
حدوثها.. حتى إذا حدثت انبهر بها وزادت ثقته في قدراته فهو قول يؤخذ عليه
لا له فضلا عن عدم وجود دليل يعضده..
4- أما نبوءاته بشأن الأحداث
المستقبلية فقد صار من الجلي الآن أن نعلم أنه استقاها من اطلاعه على الكتب
السماوية (التوراة والإنجيل)..وخصوصا التوراة التي استفاضت في شرح حوادث
نهاية الزمان..ولا ننسى دور كتابي (أسرار مصر) و (ميرا بيليس) في نبوءاته
باعترافه هو نفسه كما أسلفت..
قد يقول قائل إن الجن امتنع عن الإتيان بخبر السماء بعد بعثة المصطفى صلى الله عليه وسلم كما أخبرنا الله في سورة الجن حيث قال :
(وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا(8)وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا(9))
وأقول له صدقت ولكن انظر إلى حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث قال:
(عن
أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إِذَا قَضَى اللَّهُ
الْأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتْ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا
خُضْوعَا لِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ فَإِذَا
فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا
لِلَّذِي قَالَ: الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِير،ُ فَيَسْمَعُهَا
مُسْتَرِقُ السَّمْعِ وَمُسْتَرِقُ السَّمْعِ هَكَذَا بَعْضُهُ فَوْقَ
بَعْضٍ. (وَوَصَفَ سُفْيَانُ بِكَفِّهِ فَحَرَفَهَا وَبَدَّدَ بَيْنَ
أَصَابِعِهِ) فَيَسْمَعُ الْكَلِمَةَ فَيُلْقِيهَا إِلَى مَنْ تَحْتَهُ
ثُمَّ يُلْقِيهَا الْآخَرُ إِلَى مَنْ تَحْتَهُ حَتَّى يُلْقِيَهَا عَلَى
لِسَانِ السَّاحِرِ أَوْ الْكَاهِنِ فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الشِّهَابُ
قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَهَا، وَرُبَّمَا أَلْقَاهَا قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ،
فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ فَيُقَالُ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ لَنَا
يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا فَيُصَدَّقُ بِتِلْكَ الْكَلِمَةِ
الَّتِي سَمِعَ مِنْ السَّمَاء)
..........................................................
والآن
–يقول المعارضون- قبل أن نتحدث عن نبوءاته دعونا نسرد لكم بعض الوقائع من
حياة الرجل تثبت بالدليل القاطع أنه كان مجرد أفاق نجح في خداع الجميع..
1- نشر (نوستراداموس) في عام 1553 نشرتين جويتين علي النقيض من بعضهما البعض تماما!!
2-بعد
4 سنوات من كتابة توقعاته عن الأحوال الجوية عجزت (تشفيجي) سكرتيرة
(نوسنراداموس) عن الإشارة الي أي منها كحقيقية حدثت وتمت وكان تبريره بأن
سنة التحقيق لم تأني بعد.!!
3- في عام 1557 أصدر 300 نبوءة معدلة وثلاثة تقاويم مختلفة!! ثم في عام 1558 أصدر تقويمين مختلفين تماما!!!
4- اختلاف (حظك اليوم) من ذات الأبراج حينما تقرأ عنها في مجلتين مختلفتين من المجلات التي كانت تنشر له.
5-
تنبأ بوفاة أثنين من الباباوات في عام 1554 وقد حدث هذا بالفعل بعد ذلك
بعام مما أثار دهشة العامة.. ولكن بنظرة إلى البابين المذكورين نجد أن كلا
منهما كان قد بلغ من الكبر عتيا..وكانا في حالة صحية سيئة فلابد للموت أن
يحلق فوق رأسيهما..
فمثلا هب أن أحدهم قال : إني أتنبأ بحدوث حرب
طاحنة في الشرق الأوسط في العام القادم..أو حدوث هجمات إرهابية على
(أميركا).. أو زلزال مدمر في اليابان..فهذا أمر بديهي يتوقع الجميع حدوثه..
6-
قامت صحيفة (أخبار ليوتنزي)في صيف عام 1555 بعمل حوار صحفي مع الكاتب
الشهير(دورانت فيدل)انتقد فيه (نوستراداموس) بل واتهمه أيضا بسرقة عشرة
كراون من امرأة في مدينة (ليون) وهو في طريقه الي قصر الملك.. وذلك
بإعطائها (روشتة) زائفة ولا قيمة لها.. ولما صاحت المرأة :
(أعد لي مالي فوصفتك لا قيمة لها).. رفض الرجل رد ما سلبه منها بلا أدني خجل وبكل وقاحة.
7-
قام الفيلسوف الأشهر(يوليوس سيزار سكاليجر) بقطع علاقته مع
(نوستراداموس) واتهمه بأنه مغرض خبيث ومصدر لاختراع الأكاذيب ومتسول
ومجرم.
8- طلبت المكلة (كاترين) من (نوستراداموس) أن يسأل الجن عن
مصير أولادها بعد موت زوجها (هنري الثاني) فقام (نوستراداموس) باستدعاء
الجن عن طريق التحديق في المرآة السحرية..
ورأت الملكة في المرآة السحرية أولادها تباعا..
حيث
ظهر(فرانسيس الثاني) يتجول في حديقة فسيحة خيالية وهو متوج ثم ظهر
(تشارلز) الذي صار ملكاً بعد (فرانسيس الثاني) وكان يدور في ذات الحديقة
وتكرر ظهوره على المرآة السحرية أربعة عشر مرة وأخيرا ظهر (هنري الثالث)
أخوهم الأصغر في المرآة ودار في الحديقة الخيالية وتكرر ظهوره على المرآة
ستة عشر مرة وقد فسر لها (نوستراداموس) ذلك بقوله :
كل دورة تمثل عاماُ
من الملك لذلك ف(فرانسيس الثاني) سيموت سريعا بعد عام من الحكم ثم يخلفه
الأخ الثاني (تشارلز) والذي سيحكم لمدة 14 عاماً ثم يليه أخوه (هنري
الثالث) والذي سيحكم لمدة16 عاماً..
وقد حدث ذلك بالفعل..
9- تنبأ
بوفاته هو شخصيا في نوفمبر من عام 1557 وبالطبع لم يحدث حيث توفي في يوليو
من عام 1566..بل إن الأدهى من ذلك أن زوجته هي من استدعت القس المحلي
لمساعدته والتخفيف عنه قبل يوم من وفاته لأنه كان يحتضر ويعاني سكرات
الموت..أما الذي أشرف على جنازته ودفنه واقفا بنفسه في الكنيسة فهو ذات
القس الذي مات ميتة طبيعية في فراشه عام 1572..وهذا ثابت تاريخيا ويبين
بالدليل القاطع كذب نبوءته بخصوص من سيقومون بدفنه...
10- ادعي) نوستراداموس) في عام 1555 أن نبوءاته منزلة من السماء وبهذا أعطاها مكانة سامية لا يستطيع أحد أن يطعن فيها.
وقد
أضاف (نوستراداموس) بعد كل تنبؤاته عبارة (الله سبحانه هو فوق كل النجوم)
لكي يجد لنفسه مخرجا إن لم تتحقق أي من هذه النبوءات مدعياً أن الله
سبحانه غير مجري الأحداث وتدخل فيها ..
وعليه فتحقيق النبوءات من عدمه أمر غير مرتبط بصحة النبوءة لكن العبء يقع كله على الله .
ومن الطبيعي أن يعطي هذا إيحاء للعامة أن (نوستراداموس) كان له (خط مفتوح مع الله) لم يتمتع به شخص آخر.
ويحذرنا الكتاب المقدس بكل وضوح في سفر التثنية) أصحاح 18: 10-12)
(لا
يوجد فيك من يعرف عرافة ولا ساحر ولا من يرقي رقية ولا من يسأل جاناً أو
تابعة ولا من يستشير الموتى لأن من يفعل ذلك مكروه عند الرب)
وللأسف فرجل مثل (نوستراداموس) يقع في هذه الطائفة المكروهة والممنوعة عند الرب
من المثير أن تقرأ عن صحة ودقة أنبياء العهد القديم في التنبؤ.. وكان عقاب النبوة الخطأ هو الرجم.
وفي
العهد الجديد يوضح لنا الوحي أن التنبؤ هو هبة من الله والنبوة الحقيقية
مصدرها الحقيقي هو الله .. ولكون الله سبحانه خارج حدود الزمان والمكان
فلا يمكن له أن يكذب وهو يخبر بالنهاية من البداية لأنه مطلع على كل شيء
ولذلك فإن الأنبياء الحقيقيون هم الذين لا يخطئون لان مصدر نبواتهم من الله تبارك وتعالى وهو معصوم من الخطأ ..
والآن- يقول المعارضون– سنكشف لكم بالدليل القاطع مدى كذب الرجل..
سنعقد مقارنة بسيطة بين المتنبئ (نوستراداموس) وبين أنبياء الله الحقيقيين مستعينين بنصوص محددة من الكتاب المقدس..
بمعنى أوضح..سنجيب على سؤال هام تبادر لذهن كل من قرأ عن الرجل..
هل الرجل نبي حقا وعلى صلة بالله؟؟..أم أنه مجرد متنبئ كذاب؟؟
وما الفارق بين نبوءة الكتاب المقدس ونبوءة (نوستراداموس)؟؟
علي
النقيض من التكهنات الغامضة التي ادعاها (نوستراداموس) فان الكتاب المقدس
في غاية الدقة ويتحدث بتفصيلات محددة عن احتمالات حدوث الحرب العالمية
الثالثة ..
1- لقد أشار الكتاب المقدس الي
(يوم الرب) والمدون في سفر ( أشعياء إصحاح 13 ) والمرتبط ببابل والموجود
اليوم بالعراق وطبقا لنبوة أشعياء فإن رب الجنود سيأتي بجيوشه ضد بلد بعيد
من أقاصي الأفق ويستخدمه كأداة تأديب ليدمر أراض كثيرة
وعند مقارنة تلك النبوءات مع نبوءات (نوستراداموس) نجد أن الأخيرة غامضة وعسيرة الشرح والتفسير..
لقد
ذكرت أسفار العهد القديم حوالي 300 نبوءة تتعلق بالمسيح الآتي وقد تحققت
كلها في شخص يسوع المسيح.. وقد دونت في طيات الوحي قبل ظهوره..
مثل
مكان ميلاده (ميخا 5: 2) وزمن ميلاده (دانيال 9: 25- تكوين 49: 10) وطريقة
ميلاده (أِشعياء7: 14) .. ثم خيانته (مزمور 41: 9) و (زكريا 11:12
و13)..وطريقة موته (مزمور 22: 16) سلوك الحاضرين لموته ( اشعياء50: 6 ،
ميخا 5: 1 ، مزمور 22: 7، 8 ، أشعياء 53: 3 ، مزمور69: 8 ، مزمور 118: 22
)..وآلامه (زكريا 12: 10 ، مزمور 22: 16) ..ودفنه (أشعياء 9:53 ..(
كل
هذه النبوءات تفوه بها الأنبياء المذكورين عبر مئات السنين قبل ميلاد
السيد المسيح وأيضا كان البعض منها يتحدث عن صلبه (مزمور 22: 16 ، زكريا
12: 10 ، أشعياء 53: 6) وذلك قبل أن يدخل الرومان عقوبة الصلب في الشرق
الأوسط.. فقد كان الرجم هو العقاب المعروف قبل أن يستخدم طريقة التعذيب
بالصلب في منطقة الشرق الأوسط لاحقا..
2- ضد المسيح (المسيح الدجال)
إن
احد امتيازات القرن الواحد والعشرين هو القدرة علي الرجوع الي الكتب
المدونة في القرن العشرين والسخرية من التكهنات الكاذبة التي لم تتحقق
فمثلا تحدث (نوستراداموس) عن ملك الفولاذ وحدد ظهوره بحلول عام 1999 ولم يظهر حتى الآن..
كما
لم يسمع أحد عن ( ابن الشرق) الذي أشارت إليه (جين ديكسون) والتي قالت
عنه أنه (ضد المسيح) (المسيح الدجال) وكان مكتوباً له أن يولد كما حددت هي
في عام 1962 ولم يسمع عنه حتى الآن أيضا..
. في حين يقدم لنا الكتاب
المقدس معلومات وفيرة عن النبي الكذاب (المسيح الدجال) واليك بعض الشواهد
التي تتحدث عن أنه شخص يقع تحت لعنة الله الأبدية.
نقرأ في (دانيال 11: 36-39) الآتي:
(ويفعل
الملك (النبي الكذاب) كإرادته ويرتفع ويتعاظم على كل إله وبتكلم بأمور
عجيبة على إله الآلهة وينجح إلى إتمام الغضب لأن المقضي به يجري. ولا
يبالي بآلهة آبائه ولا لشهوة النساء وبكل إله لا يبالي لأنه يتعاظم على
الكل.. ويكرم إله الحصون في مكانه وإلها لم تعرفه آباؤه يكرمه بالذهب
والفضة والحجارة الكريمة والنفائس ويدخل في الحصون الحصينة بإله غريب من
يعرفه يزيد مجداً ويسلطهم على كثيرين ويقسم الأرض أجرة)
هذه النبوءة
التي كتبها (النبي دانيال) بإلهام الروح القدس والمحددة تختلف عن نبوءات
(نوستراداموس) الذي يكتب الكثير الذي لا يحوي إلا أقل القليل المحدد..
وهذا هو الفارق بين الغث والسمين..
هذا غير نبوءات أخرى عديدة يزخر بها
الكتاب المقدس وتتحدث بالتفصيل عن (المسيح الدجال) وتفاصيل ظهوره وأفعاله
والأحداث التي تتلو ذلك إلى قيام الساعة والتي سنتعرض لها بالتفصيل في
مقال منفصل بإذن الله...
.....................................................................
والآن هيا بنا نستعرض رباعياته مرة أخرى..ولكن من وجهة نظر المعارضين هذه المرة...
بالطبع
لن أعيد كتابة الرباعيات منعا للملل ولكن بإمكانكم العودة لمطالعتها في
الجزء الأول من المقال إن شئتم..سأعيد فقط كتابة بعض الرباعيات إن احتجت
إليها للتوضيح ولكن هذه المرة بلغتها الأصلية كما خطها (نوستراداموس)
بنفسه..
................................................................
يقول المعارضون:
1-
باستعراض طريقته في التنبؤ والتي أوردها في أول رباعيتين له نجد أنها
أساليب استعملت منذ القرن الرابع الميلادي كما بين قواعدها كتاب (الأسرار
المصرية) المذكور آنفا و الذي نشر في (ليون) (فرنسا) سنة 1546 و الذي من
المؤكد أن (نوستراداموس) كان قد اقتناه و استعمل أساليبه إلى جانب غيره من
الكتب التي نص في رسالته لابنه بأن الأجيال كانت تتوارثها خفية وسرا
ولقرون من الزمن.. و هي التي أحرقها و أحالها إلى رماد.
و في الرباعيتين المذكورتين نجد بعض عناصر ممارسة السحر..
الوقت
ليل و (نوستراداموس) جالس لوحده في غرفته وأمامه إناء من نحاس فيه ماء و
هو موضوع على حامل صغير ثلاثي الأرجل .. يحدق في الماء حتى يرى الماء و قد
تعكر و تضبب و تبدأ صور المستقبل بالظهور.
أعتقد بأنه قد صارت لدينا
صورة واضحة عن طبيعة عمل (نوستراداموس) فهو عرافة أو كهانه و تنجيم مع
ممارسة السحر و غيره مما يعرف بالعلوم الخفية أو السرية.. (Occult )
-
فمنها ما كان مباحاً مقبولاً لدى الكنيسة الكاثوليكية التي كانت مسيطرة
على الساسة وعلى المجتمع في آن واحد في ذلك الزمان. فالتنجيم كان أمراً
عادياً و لم يكن بلاط أي ملك من الملوك يخلو من منجم يستشيره في أمور حربه
أو سلمه.. إدارته أو حياته الخاصة..
- ومنها ما كان محرماً أشد التحريم
و يعاقب عليه من يمارسه بالإعدام حرقاً.. وهو ممارسة السحر.. و هذا ما
كان الرجل يخشاه أشد الخشية ..و لهذا فإنه كتب كتابه بذلك الخليط اللغوي
الغريب و نثر تنبؤاته نثرا عشوائياً و بدون تسلسل زمني محدد..
و قد صرح
بذلك لابنه (قيصر) حيث قال له في موضع من رسالته إليه بأنه قد استعمل
الإبهام و التعمية دون الوضوح و الصراحة لكي يفوت الفرصة على الحكام
والكنيسة فلا يتناولونه بسوء ..
لقد كان يخاف من أن يتهم بالسحر فيعاقب على ذلك بالإعدام حرقاً جنبا إلى جنب مع كتبه..
والباحث المدقق في رباعيات الرجل يجد أن أسلوبه كان كالأتي:
1-لا يقدم تفاصيل دقيقة تظهر خطأه عند عدم حدوثها بل استخدام أسلوب الغموض
2-
يكتب بطريقة توحي للقارئ أنه ملم بأسرار المستقبل حتى لو كان الموضوع
تافها دون الإشارة الي أمور محددة وكانت النتيجة أنه أحاط نفسه بهالة من
الغموض مما جعل نبوءاته مليئة بالإثارة
3- التنبؤ بأمور محتمل حدوثها مثل حروب أو أوبئة أو تكهنات جوية أو أحداث سياسية أو موت المشاهير.. مستخدماُ الغموض في كل ذلك
4- إصدار نبوءات كثيرة سيزيد من احتمالات تحقيق بعضها طبقا لقانون (المتوسط الحسابي)..
فمثلا عندما ترمي سهما وسط جمع غفير من الناس فلابد أن يصيب أحدهم أما لو كانوا قلة فاحتمال إصابة أحدهم ستتضاءل..
وفي تكهنات عام 1554 نشر (نوستراداموس) 149 نبوءة جديدة وزادت بعد ذلك الي قرابة 300 نبوءة في السنة
ومن
أجل الصيت والسمعة أضاف بعض النبوءات المتعلقة بأمور حدثت بالفعل مفترضا
أنه مع الوقت سينسى السذج أنها لم تكن نبوءات بل سرد حقائق تاريخية قد
حدثت فعلا..والزمن كفيل بطي كل ذلك في غياهب النسيان..حيث لن تعرف الأجيال
الجديدة أن تلك النبوءات لم تكن إلا سردا لحقائق تاريخية..
(تذكروا
أننا نتكلم عن عصر كانت وسيلة التنقل فيه هي الجياد وكان ينبغي عليك أن
تسافر مسيرة شهرين لتقطع (فرنسا) من شمالها لجنوبها)
5-إعادة التنبؤ بذات النبوءات السابقة التي لم تتم وربما يساعدك الحظ والصدفة علي تحقيق بعضها..
وهكذا أشتهر هذا الرجل ..
6-
سرقة العديد من التنبؤات التي تخص المتنبئين القدامى أمثال (كاسريوم) و
(كونيستثاس) بخصوص المجاعات والأوبئة والكنيسة والحرائق والحروب
والانتصارات والهزائم والزلال و البراكين والأحداث السياسية...إلخ..مع
إعادة صياغتها مرة أخرى
........................................................
2- نبوءته الخاصة بموت الملك (هنري الثاني):
Le Lyon jeune le vieux surmontera ,
En champ bellique par singulier duelle
Dans caige d’or les yeux luy creuera ,
Deux classes vne, puis mourir, mort cruelle
كتب (نوستراداموس) رسالة مطولة بعنوان )الجزء الثاني من القرن( في مارس 14 عام 1557
وكتب يقول في مقدمتها:
(منذ
دخلت بوجهي العابس أمام جلالة الإله الغير محدود أقول لك أيها الملك
المسيحي المنتصر العظيم إني دخلت في دهشة وحيرة هزتني وبعد أن داومت في
العبادة وتقديم الكرامة لله في ذلك الوقت أحسست بشيء يمسكني وبرغبة حارة
في أن أنتقل من مرحلة الغموض الي حالة النور والوعي في حضرة ملك الكون(
وكما
نرى لا توجد أدلة في تلك الرسالة التي كتبت قبل سنتين من موت (هنري
الثاني) تشير الي أن (نوستراداموس) علم وأنبأ بموت هذا الملك فقوله :
(أيها الملك المسيحي المنتصر العظيم) لا يشير الي شيء بقريب أو بعيد عن
مقتل (هنري الثاني)..
ومن المنطقي إن كانت هناك نبوءة تتحدث عن موت (هنري الثاني) لصلى (نوستراداموس) ودعا الله له لحفظه وحمايته من هذا الحادث الفظيع..
والأدهى
من ذلك أن نعرف أن (مونتجمري) كان أصغر من (هنري) إلا أن (نوستراداموس)
أشار إليه بالأسد الكبير المسن وهذا ليس صحيحا وقد تم تحريف الرباعية عند
تفسيرها لتنطبق على ما حدث فعلياً.
أما الأكثر إثارة للدهشة هي إشارة
(جيمس راندي) في كتابه (قناع نوستراداموس) إلى أن الفرنسيون لم يستخدموا
قط رمز (الأسد) كرمز للملكية فقد كان رمزهم الملكي وما زال هو (الديك)..
وبالرجوع
الي النبوءة بنظرة متمعنة نجد كلمات مثل (ميدان قتال) و(معركة واحدة) ومن
الغريب أن يشار لمصارعة الفرسان على أنها ميدان قتال بدلا من الإشارة
إليها كنوع من المصارعة الترفيهية وكما هو معروف أنها تتم في ساحة وليس في
ميدان قتال..
و قال (نوستراداموس) أيضا في نبوءته (ستقلع عيناه في داخل قفص ذهبي) وهذا لم يحدث نهائياً ..
حيث إن سبب الوفاة كان إصابة شديدة في الجمجمة فوق منطقة العين اليمني..ولم تتضرر العين نفسها..
وأيضا لم يكن للذهب وجودا..حيث إن الخوذة والسيف والدرع مصنوعين من الحديد لا الذهب عدا مقبض السيف ربما مع طلائهم بماء الذهب..
وقوله
بأن (أثنين سيهربان من واحد ثم الموت) لا علاقة له بالمرة بما حدث
..فالموت كان مأساة وليس قتالا وانتصارا لأن ما حدث كان خطاْ فلم بكن هدف
المصارعة بالسيوف هو قتل الواحد للآخر وما حدث لم يكن نتاج جيوش تحارب
بعضها البعض لكنها كانت مأساة وقعت بخطأ غير مقصود..ثم من هما الاثنان
اللذان فرا من الموت؟؟
................................................................
3- نبوءته الخاصة بهزيمة (هتلر) :
Bestes farouches de faim fleuues tranner ,
Plus part du champ encontre Hister sera .
En caige de fer le grand sera treisner ,
Quand rien enfant de Germain obseruera .
هي نبوءة غامضة أخرى من نبوءات (نوستراداموس) و يمكن أن تفسر كالعادة بعدة صور..
يقول
(هنري روبرتس) في كتاب (نبوءات نوستراداموس الكاملة) بأنه يؤمن بأن
النبوءة السالفة إنما هي إشارة لمصير (أدولف هتلر) في (برلين)..
إلا أن مبنى المستشارية الذي قضى في قبوه (هتلر) آخر أيام حياته لا يمكن أن يطلق عليه اسم (القفص الحديدي)..
أما المفاجأة الكبرى فهي :
في المصطلحات الجغرافية الرومانية القديمة يسمي منخفض(نهر الدانوب) باسم (هيستر) وتوضح ذلك أيضا الخرائط الجغرافية القديمة..
وقد تم تفسير السطر الأخير من النبوءة علي أنه إشارة الي ما يصفه طفل ألماني عند رؤيته الغزال..
وفي اللغة الفرنسية (وهي اللغة التي كتبت بها النبوءة) فإن كلمة غزال لا تمت للمعني بشيء فأصل الكلمة الفرنسية هي ..(Rien ) :
فهذه النبوءة هي مجرد تكهنات عشوائية حاول المفسرون تفصيلها على الأحداث العالمية لتصبح ذات مغزى تاريخي.
لقد
حاول (هتلر) و(جوبلز) استغلال هذه النبوءة ..ولكن فاتهما أن القائد
العظيم الذي تتحدث عنه الرباعية سيساق في قفص حديدي ليتم القصاص منه وسط
الجماهير..وهذا ما لم يحدث..
وكدليل ساطع يكشف بوضوح كذب تلك النبوءة نسوق نبوءة أخرى للعراف الأشهر(إدجار كايسي) تنبأ بها في نوفمبر علم 1944وقال فيها:
(وبينما
كان رجل متعلم في الربع الأخير (من الشهر القمري) يسير علي شواطئ
نهر(الهيستر) والمسمي أيضا (الدانوب) اكتشف أن الأرض كانت تتحلل وان النهر
سوف يختفي يوما ما (.
أظن أن الأمر واضح الآن...
..............................................................
4- نبوءاته الخاصة بالكاردينال (مازاران) و(نابليون) و (موسوليني) والثورة الإيرانية:
كالعادة نبوءات غامضة يمكن أن تفسر بألف تفسير مختلف..
وحدوثها
تم كنتيجة لتفسيرها وفق الأهواء..مثل ما حدث مع الكاردينال الذي حطم
خصومه أعصابه بتلك النبوءات مما أدى في النهاية لخسارته نتيجة تحطم
معنوياته..
قديما قال (أرسطو) :
(إنك ستخسر فقط عندما تؤمن أنك ستخسر)
ويبقى السؤال..إذا ابتلعنا فكرة عدم ذكره لتواريخ محددة مخالفا ما فعله مع نبوءاته الخاصة بفرنسا لكونه فرنسيا..
فلماذا لم يذكر أسماء (مازاران) و(نابليون) و(موسوليني) و(الخميني) والشاه (محمد رضا بهلوي)..
ولو حتى بأسلوب التصحيف كما فعل مع (هتلر)..أم أن تلك النبوءات لم يكونوا هم المقصودين بها؟؟
ولماذا لم يذكر التاريخ في نبوءة الكاردينال (مازاران) رغم كونه فرنسيا؟؟..
ومن جديد نستعير كلمات الأخت الفاضلة قارئة حين قالت (إن المفسرين ركبوا اللحن على الكلمات)
.............................................................
5- نبوءته الخاصة بانهيار برجي مركز التجارة العالمي في (نيويورك)
Cinq et quarante degrees
ciel bruslera
Feu approcher de la grand cite nauveux
Instand grand flame esparse sautera
هذه النبوءة بالذات تكشف جهل الرجل و
بقلم : د. مؤمن احمد عباس
drahmed_momen@yahoo.com
نوستراداموس .. الرجل الذي رأى الغد |
في المقال السابق حدثتكم عن (ميشيل نوستراداموس) أشهر عراف في تاريخ البشرية..
العراف الذي أحدثت نبوءاته - وما زالت تحدث- دويا هائلا بين البشر..
تحدثت عن نبوءات الرجل التي تحققت بحذافيرها..وتركت المؤيدين يدلون بدلوهم..وأنهيت الجزء الأول عند هذا الحد لأرى ردود أفعالكم..
وكما توقعت تماما..
أحدث المقال دويا بينكم..وأثار فيكم نفس ما أثاره في كل من قرأ عن الرجل ونبوءاته..
لقد فجر في عقول الجميع ألف سؤال وسؤال..
هل تنبأ (نوستراداموس) بالأحداث العالمية الحالية بالفعل؟
وهل من المحتمل أن تصدق توقعاته باستخدام الكواكب وعلم الفلك؟
علي أي أساس بني تنبؤاته ولأي مدى استطاع أن يثبت صحتها ؟
هل كان (نوستراداموس) نبي يوحى إليه أم كان متنبئ كذاب ملبوس بأرواح شريرة ومتأثر بترهات ويستعين بالسحر والجن؟
يا ترى ما هي توقعاته بالنسبة لمستقبلنا؟..
من هو (نوستراداموس) ؟؟؟
وانقسمتم فيما بين :
1-مؤيدين
للرجل منبهرين به مصدقين ومؤمنين بنبوءاته دون أن يسألوا أنفسهم كيف لرجل
عادي لم يكن يوما من القديسين أو الأنبياء أن يتنبأ بكل دقة بأحداث ستحدث
بعد وفاته بقرون؟؟
تناسوا أنه لو كان يعلم الغيب حقا لكان قد استطاع –
على الأقل – منع وفاة زوجاته وأطفاله بمنع إصابتهم بالطاعون من
الأساس..ألم يكن ليعلم متى وكيف يمكن أن تصاب أسرته بالطاعون وهو الطبيب
النابغة فيمنع هذا لو أنه حقا اطلع الغيب أو التمس الوحي الرباني؟..أو كان
استطاع حماية نفسه من الإصابة بالنقرس ومن ثم الاستسقاء الذي أودى في
النهاية بحياته هو شخصيا..
2- معارضين
أخذتهم الحمية فانطلقوا يهاجمون الرجل واضعين فرضيات عقلانية لنبوءاته تلك
انحصرت في كونه أفاق استولى على الكتب القديمة واستلهم منها رباعياته تلك
وأنه بعيد كل البعد عن الوحي الرباني..
ولكنهم تناسوا وضع تفسير عقلاني
مستساغ لأحداث تنبأ بها في حياته كواقعة البابا (سكستوس الخامس) أو الملك
(هنري الرابع) وأيضا بعد وفاته كالثورة الفرنسية وغيرها من الأحداث التي
لا يعقل أن تحتويها كتب تتحدث عن نهاية الزمان..
3-برز
صنف ثالث منكم أعجبني أنا شخصيا..حركته ثوابته الدينية وإيمانه المطلق
بالله في أن يقول تلك المقولة الخالدة..(كذب المنجمون ولو صدقوا)..وبعضهم
بالمناسبة يقولها (ولو صدفوا) وهي برأيي أصدق..
هذا الصنف حركه التسليم المطلق بأن الغيب لله لا يطلع عليه إلا من يشاء من رسله وأنبيائه..
ومن
منطلق هذا الإيمان المطلق ترسخ لديه كذب الرجل..ولكنهم لم يجهدوا أنفسهم
بالبحث عن تفسير عقلاني لكل ذلك..وهذا برأيي قصور وددت لو لم يوجد..
ومن بين كل ذلك برز تعبير ورد في تعليق للأخت الفاضلة (قارئة) أعجبني للغاية حين قالت:
(لقد قام الغرب بتركيب اللحن على الكلمات)..
قول موجز ورائع بالفعل..
ولكنه للأسف لم يصب كبد الحقيقة...
لذلك كان لزاما علي أن أكتب هذا المقال..وفيه بمشيئة الله سأكشف بجلاء عن مصادر الرجل التي أخفاها عن الجميع..
سأكشف حقيقة الرجل الذي حار الجميع في فهمه..
سأجيب بوضوح عن السؤال الذي أجهد عقول الجميع:
هل اطلع الرجل الغيب؟
أم أنه كان مجرد أفاق نجح في خداع الجميع؟؟
.................................................................
الآن دعونا نستعرض أقوال المعارضين وبراهينهم..
يقول المعارضون :
*إننا كبشر نتوق لمعرفة ما يخفيه لنا المستقبل..فمن منا لم يحلم يوما بمعرفة مستقبله؟؟..
ففي
خطوات حياتنا المهمة نحاول أن نتعرف على احتمالات ما سيحصل لنا فيما لو
اتخذنا هذه الخطوة أو تلك..ونجهد أنفسنا في التفكير واستقراء الاحتمالات
المستقبلية..السيئ منها قبل الجيد.. فإن كانت تحفها المخاطر في المستقبل
تركناها وإن كانت فيها إمكانية النجاح و السعادة أخذنا بها ونفذناها..
و
ما يساعدنا على هذا المنهج في حياتنا كبشر هو أن كل ما يجري من حولنا
إنما يجري وفق نواميس أو علاقة السبب بالأثر و المقدمة بالنتيجة مما يعطي
الإنسان قدرة فائقة للغاية في السيطرة على الطبيعة و البيئة التي تحيط به
بكل أنواعها و التحكم بدرجة التأثير التي يرومها من هذا السبب أو ذاك ..
(لذلك يكون المنجمون دوما على مر العصور في مصاف نجوم المجتمع ويستعين بهم الساسة في أدق الأمور)...
*في صباي قرأت قصة قصيرة لد.(نبيل فاروق) بعنوان (لو علمتم الغيب) تتناول تلك الفكرة..
حيث
تحكى عن شخص فقير علم بالمصادفة بموعد وفاته في المستقبل بعد خمسين سنة
وأنه سيصير غنيا جدا وذلك حين قرأ نعيه في جريدة مستقبلية أتته مصادفة عبر
طاقة انفتحت بين الأزمنة ..فانطلق يعربد في الحياة غير عابئ بأي
أخطار..والنجاحات تحوطه والأموال تغدق عليه من كل جانب حتى كان يوما أصيب
فيه في حادث سيارة إصابة بالغة أفقدته حواسه وصار طريح فراشه كالميت
الحي..يسوم من العذاب ما لا يطيق وفوق كل العذاب عذاب معرفته بأن الموت
الذي سيرحمه من هذا العذاب لن يأتي إلا بعد خمسين سنة..
*أما بالنسبة لنوستراداموس فقد امتلك ملكة الاستبصار فطورها واعتنى بها لا شك في هذا..
كذلك فقد عاش الرجل في (أوروبا) في القرن السادس عشر..
وكما
نعرف من كتب التاريخ فقد كان القرن الخامس عشر و بداية القرن السادس عشر
زمنا غنيا بالأحداث والمتغيرات الاقتصادية والسياسية والدينية..
وكانت
(أوروبا) تعيش فيما يشبه العصر الجليدي بداية من العقد الثاني من القرن
الخامس عشر حيث أصابت الأوبئة البشر والمحاصيل في ذلك الزمان فدمرتها وقضت
على مدن بأكملها..
كما اشتدت الحروب بين حكام (أوروبا) صراعا على السلطة ..
واجتاحت جيوش (سليمان العظيم) شمال شرق (أوروبا) من (تركيا العثمانية) حتى مشارف (فيينا)..
وبدأ
الناس في ذلك الزمان ينظرون إلي المستقبل بتشاؤم بالغ وصارت شهية العامة
قوية لقراءة الكتب التي تتحدث عن المستقبل والنبوءات..مما مهد الطريق
لبزوغ نجم الرجل..
......................................................................
ومازلنا مع أقوال المعارضين حيث يقولون :
بادئ ذي بدء هناك سبعة محاور مثلت خطا عاما في حياة الرجل عامة وبالتالي في نبوءاته – أو إن شئنا الدقة- رباعياته..
1- نشأة (نوستراداموس) اليهودية والعلوم التي تلقاها على يد جده (جان)..
حيث
من الثابت تاريخيا أن جده علمه أصول الرياضيات والفلك واللغات القديمة
كاللاتينية والعبرية واليونانية فضلا عن تعليمه أصول سحر الكابالا
والتنجيم والأهم إطلاعه على نصوص التوراة والتلمود وأسفار العهد القديم
كما اعترف هو نفسه بل وتفاخر بذلك..
2-
بعد اعتناق أسرته للمسيحية وتحوله ليكون مسيحيا كاثوليكيا كان من الطبيعي
أن يتعمق في دراسة الإنجيل وأسفار العهد الجديد حتى ينفي عن نفسه وأسرته
أي شبهة تعلق باليهودية حيث لا يخفى على أحد أنهم تحولوا إلى المسيحية من
اليهودية لا اعتقادا بصدق المسيحية ولكن لينجوا بأنفسهم من الويلات التي
تعرض لها اليهود في (أوروبا) في زمانهم.. ولكن برغم كل ذلك ظل ماضيهم
يطاردهم..وظهر ذلك جليا في :
- خوف والد (نوستراداموس) على ولده من
اتهامه بالهرطقة حين جهر بتأييد نظرية (ديفيد كوبرنيكوس) حول كروية
الأرض..ما دعاه لإرساله إلى (مونبلييه) لدراسة الطب هربا من مطاردة محاكم
التفتيش..
- وكذلك اتهام (نوستراداموس) نفسه بالهرطقة فيما بعد على
خلفية ملاحظة عابرة غير ذات قيمة أبداها لدى رؤيته لمثال يصنع تمثالا
للسيدة العذراء..ما دعاه لمعاودة الترحال هاربا..ولكن هذه المرة خارج
(فرنسا) حيث اتجه إلى (إيطاليا)..
لم يتمكن من علاج زوجته واطفاله حين اجتاح الطاعون المدينة |
من الثابت تاريخيا أن الرجل أتى بوصفات جديدة لمقاومة الطاعون عارضها
الأطباء في زمانه واشتهر بها بين الناس لدرجة أن يقصده الناس من كافة
أنحاء (فرنسا) طلبا للشفاء..
فبدا لوهلة أن الأطباء يعارضونه غيرة
وحنقا وحسدا..ولكنهم في حقيقة الأمر عارضوه لأن طرقه تلك كانت تخالف كافة
الأعراف الطبية..بمعنى آخر كانت قائمة على الدجل والخرافات..حيث كان يعتمد
على لمس المرضى ثم إعطائهم بضع أعشاب مع شربة من ماء كان يدعى أنه
مقدس..فتزول أعراض المرض..
فبدا أنه معالج روحاني لا طبيب..واثبات ذلك
هين ويتمثل في عدم تمكنه من شفاء زوجته وطفليه من المرض الذي ظل يحاربه
وينتصر عليه لسنوات.. ومن الغريب أن هذا الرجل الذي توقع أحداثاً رهيبة
وقعت في القرن العشرين، لم يتوقع أن تموت زوجته وابنه وابنته معا.. ورغم أن
هذا الحادث الرهيب قد هز صورته ووزنه ونبوءاته عند الناس لكنه استطاع أن
يسترد قدرته الخارقة عندما استدعاه الملوك والأمراء لقراءة طالعهم.
كذلك
برغم نشره لطرقه تلك في كتاب عام 1552 كما أسلفت إلا أن الباحث في كتب
الطب وأمهات الكتب لا يجد أي طريقة علاجية لعلاج الطاعون نسبت إلى
(نوستراداموس) كغيره من فطاحل الأطباء – إن كان من فطاحلهم – ما دعا البعض
للتشكيك في شهاداته الجامعية نفسها بل والقول بأنه لم يكن سوى معالج
روحاني وليس بطبيب..وإثباتا لذلك انظروا إلى ما قاله بعض المرضى الذين
شفوا على يديه
تقول (جانيت بريجييه) :
(إنه رجل ساحر..يمتلك عينين
آسرتين..تكفيك لمسة من يده كي تشعر بالطاقة والحيوية تدب في أنحاء جسدك..ثم
تقوم معافى وقد زال عنك المرض..أنا مدينة له بحياتي)..
ويقول (جان فرانسوا سيدان):
(هذا
رجل قلما يجود الزمان بمثله..أنا سعيد الحظ أن تواجدت معه في ذات الحقبة
الزمنية وعاصرته..إن (إسكليبوس) تجسد فيه لا شك في ذلك..)
- والآن هاكم مفاجأة من العيار الثقيل :
يقول (بيتر لوبيسيريه) في كتابه الشهير بعنوان) نوستراداموس الذي لا يعرفه أحد) :
(مع
أنه حصل على شهادة الطب من جامعة (مونبلييه) إلا أن هناك وثائق تقول أنه
قدم أوراق للدخول الي جامعة (مونبلييه) في عام 1529 إلا أن (جولوم رونديل)
المسئول عن تسجيل الطلبة رفض طلب التحاقه بالجامعة لأنه كان مصاب بنوع من
الصرع..كما لا توجد أية وثائق تثبت إعادة التحاقه بالجامعة.
وبعد أن رفضوا قبوله بالجامعة أخذ يتجول علي الطرق السريعة في أوربا كصيدلي..
وحين
أصاب الوباء (بروفانس) في عام 1526 هرب جميع الأطباء المحليين في رعب..
فقد نصح الطبيب المشهور (تولوز أوجير فرير) - الذي كان في أخر عام بالكلية
قبل التخرج كطبيب - رفقاءه بالهروب والعودة بعد انتهاء الوباء. ولم يبق
بالمقاطعة وقتها إلا الطبيب المشهور (أيكس مرسيني) ولم يعد هناك معاونين..
لذا
فقد عين (أيكس)) نوستراداموس) مساعدا له لمحاربة الوباء على خلفية
معلوماته الطبية (بمعنى أوضح مجرد ممرض) في يونيو عام 1526 ..
(وركب
(نوستراداموس)الموجة وظن نفسه طبيبا) وقام بعمل خلطات من عدة حبوب من
الورود كنوع من العلاج ضد الوباء المنتشر ..واعترف فيما بعد أن هذه
الأدوية لم يكن لها فاعلية في مكافحة الوباء وماتت زوجته وأبنيه بعد ذلك
بسبب ذلك الوباء نفسه بعد أن جرب معهم خلطاته تلك).
احرق المخطوطات القديمة لكي لا يعلم الناس مصدر نبوءاته |
اعترف الرجل في رسالته لابنه (قيصر) بأنه حفظ عن ظهر قلب كتاب قديم اسمه
(أسرار مصر) وهذا الكتاب من تأليف اليوناني(يامبليخوس).. وقد ذكر أنه وجد
في هذا الكتاب علماً لم يعرفه أحد.. وأن كتاب (أسرار مصر) ليس إلا أسرار
الكرة الأرضية ..وأنه يستطيع عن طريق هذا الكتاب أن يعرف ما الذي يجري وما
الذي سوف يجري في كل بقاع الأرض..وأنه اضطر لحرقه مع ما أحرق مع غيره من
المخطوطات النادرة التي كانت بحوزته خوفا من أن يسيء الناس استخدامها فيما
بعد كما قال..
أو في الحقيقة حتى لا يعلم الناس المصادر الخفية والحقيقية لنبوءاته كما لم يقل..(واضح أنها مخطوطات وكتب سحر)..
كذلك
من الثابت تاريخيا ممارسته التنجيم وقراءة الطالع بصورة موسعة..حتى وصل
صيته إلى الملكة (كاترين) التي استدعته لقصرها في (باريس)..وطلبت منه
قراءة طالع أولادها..والثابت أنه أخبرها بأنهم كلهم سيصيروا ملوكا دون أن
يخبرها بالأهوال والويلات التي ستنال منهم..
وكذلك لم يترك بيتا في (أوروبا) زاره إلا وقرأ طالع قاطنيه كما أسلفت..
ما
دعا الكنيسة لفتح تحقيق موسع حول استخدامه للسحر فاضطر للهرب من القصر
الملكي واعتزال الناس في بيته في مدينة (صالون) حيث أقعده مرض
النقرس..ولكنه لم يعتزل المهنة وإنما مارسها سرا بقراءة طالع الناس وخصوصا
الأغنياء منهم مقابل نفحات مالية..
أي أنه لم يعتزل الناس لكتابة
تنبؤاته..وإنما اعتزلهم مجبرا هربا من ملاحقة الكنيسة ومحاكم التفتيش
واتهامهم له بالهرطقة وممارسة السحر فضلا عن النقرس الذي أقعده..
ومن
الثابت تاريخيا قيام الملكة (كاترين) بجولة لتفقد أنحاء المملكة الفرنسية
عام 1664 بعد انحسار وباء الطاعون زارت خلالها مدينة (صالون) والتقت
بنوستراداموس.. حيث زارته مع أولادها وزوجها في بيته وتناولوا معه طعام
الغداء..ولم يخل الأمر بالطبع من نفحة ملكية..
انصب اهتمامه على الكنيسة الكاثوليكية والبابوية |
إن كتاب (القرون) وإن كان مجموعة ضخمة من التنبؤات التي تغطي حوالي 450
سنة من توقعات ورؤى (نوستراداموس) لمستقبل العالم. إلا أننا نستطيع أن
نكتشف فيها خطا عريضا أو خيطا متصلا تنتظم فيه أغلب نبوءاته تلك..
ذلك
أن (نوستراداموس) كان فرنسياً من ناحية و كان مسيحياً كاثوليكياً من ناحية
ثانية .. ولهذا فقد انصب أكثر اهتمامه في نبوءاته على (فرنسا) و على
الكنيسة الكاثوليكية و مقام البابوية واعتبرها العمود الفقري للحضارة
الغربية و مجدها و ركز كثيراً على المناطق التي تمثل الكنيسة الكاثوليكية
مثل (أسبانيا) و (إيطاليا).. و قد كان هذا المعنى فيما يبدو مستقراً في
خلفية ذهنه أثناء رؤاه المستقبلية و يشكل بذلك الخط العريض الذي يبرز
أمامك في أغلب ما كتبه ..
وكمثال على ذلك :
1-
رباعيته التي اعتبر فيها سنة 1792 بداية لعهد جديد و ذلك في رسالته إلى
الملك (هنري الثاني) مشيرا بذلك إلى أهمية تلك السنة و خطورتها..و هي سنة
إعلان الجمهورية في (فرنسا) كما أسلفت.. وهنا كما نرى يحدد الرجل التاريخ
بدقة..
2- الحادثة الثانية التي يذكر لها تاريخاً محدداً و التي هي
امتداد أو تعبير آخر عن نفس الخط المذكور هي ما ذكره في رسالته لولده قيصر
مشيراً بها إلى الكاتب الفرنسي (جان جاك روسو) حيث يقول له :
( بحسب
العلامات السماوية فإن العصر الذهبي سوف يعود بعد فترة اضطرابات ستقلب كل
شيء وتلك الفترة ستأتي من لحظة كتابتي لهذا بعد 177 سنة و ثلاثة أشهر و
أحد عشر يوما.. وستجلب معها فساد الأفكار و الأخلاق و الحروب و المجاعات
الطويلة)..
و قد كتب رسالته هذه في مارس عام 1555 حسب التاريخ المذكور
في أسفلها فإذا أضفنا إليها عدد السنوات التي ذكرها فإن النتيجة ستكون
1732 و هي السنة التي وصل فيها (جان جاك روسو) إلى (باريس) كما أسلفت وقد
توقع لهذه الاضطرابات و التقلبات أن تسود العالم ابتداء من ظهور (روسو) و
مجيء الثورة الفرنسية على مسرح الحياة إلى نهاية القرن العشرين حيث تصل
التحولات إلى ذروة من الشدة و العنف في النصف الثاني من سنة 1999 ( و هو
تاريخ آخر ذكره بالتحديد أيضا) و التي اعتبر أنها هي موعد النهاية الفعلية
للكنيسة و للبابوية و للسيطرة الغربية و التي سيأتي بعدها العصر الذهبي
الذي جاء ذكره في رسالته إلى ابنه. .
كذلك فإنه رأى بأن تاريخ الحضارة
الغربية و النصرانية يرتبط بقوة بتاريخ بني إسرائيل و بفلسطين التي هي
مسقط رأس السيد المسيح عليه السلام ومنطلق النصرانية. .
كل ذلك يدل على عناية خاصة بفرنسا و بالكنيسة دون غيرهما.
من
جانب آخر فإنه من الممكن جداً أن يكون (نوستراداموس) قد أطلع على كتب
المسلمين ..ما وصل إلينا منها و ما لم يصل من أخبار الملاحم التي زخرت
بالأحاديث النبوية الشريفة التي تخبرنا عما ستأتي به الأيام في مستقبل
الزمان و استنسخ منها ما شاء له المقام..
فللعالم الإسلامي و العربي
أعظم الخطر و أحسم المواقف في تنبؤاته , و قد ورد ذكر المسلمين بسميات
مختلفة تارة باسم أقوامهم و شعوبهم المختلفة و تارة باسم بلدانهم و مناطق
تواجدهم المعروفة..
ذكر العرب والمسلمين في نبؤءاته بتسميات مختلفة |
يسميهم الأندلسيين (المور) أو البرابرة (نسبة إلى البربر في شمال
إفريقيا) و العرب.. و الفرس.. أو يقول الإسماعيليين والمحمديين.. أو يقول
(فاس) و (الجزائر) و (تركيا) و (قرطاجنة) و (العراق) و (فلسطين)...الخ ...
حيث جاءت هذه التسميات فيما لا يقل عن 110 من نبوءاته أي حوالي 1/10 من
مجموع نبوءاته كما أسلفت...وأغلبها من السداسيات التي سماها (الإنذارات)
والتي ربط حدوثها بأحداث نهاية العالم...
6- في عام 1533 كان أكثر الكتب شهرة وانتشارا بين الناس كتاب (ميرا بيليس) والذي قطعاً اقتناه (نوستراداموس) ..
ومحتويات
هذا الكتاب كانت مأخوذة من نبوءات الكتاب المقدس في سفر الرؤيا وحزقيال
إصحاح 38 و 39 اللذان يتحدثان عن أرض يأجوج ومأجوج وهجوم الحلفاء علي
إسرائيل..
وأيضا النبي (يوئيل) الذي يتحدث عن هذه الجيوش.. وهاكم مقتطفات من الكتاب..
(ومن
وسط الهدوء فجأة يظهر من الشمال مع جوج ومأجوج دولة سوف ترعب العالم كله .
وسوف يهرب الكثيرون من الفزع والخوف من تلك الجيوش الزاحفة الي الجبال
وبين الصخور . هذه الدولة ليست من نسل (يافث). سيكونون كالوباء الشمالي
الذي يلتهم الجثث البشرية والثعابين والأطفال والنساء).
ونقرأ في سفر حزقيال 38: 2-9 عن (هرمجدون):
(يا
ابن آدم أجعل وجهك على أرض جوج ومأجوج رئيس روش وماشك وتوبال وتنبأ عليه
وقل هكذا قال السيد الرب هاأنذا عليك جوج رئيس روش وماشك وتوبال وأرجعك
وأصنع شكائم في قلبك وأخرجك أنت وكل جيشك خيلا وفرسانا وكلهم لابسين أفخر
لباس جماعة عظيمة مع أتراس وتيجان كلهم ممسكين السيوف فارس وكوش وفوت معهم
بمجن وخوذة وجومر وكل جيوشه وبيت توجرمة من أقاصي الشمال مع كل جيشه
شعوبا كثيرين معك. أستعد وهيئ لنفسك أنت وكل جماعتك المجتمعة إليك فصرت
لهم موقرا بعد أيام كثيرة علي جبال إسرائيل التي كانت دائما خربة للذين
أخرجوا من الشعوب. وسكنوا آمنين كلهم. وتصعد وتأتي كزوبعة وتكون كسحابة
تغشي الأرض أنت وكل جيوشك وشعوب كثيرون معك.)
وتنبأ
النبي (حزقيال) بغزو إسرائيل وتشتت هذه الأمة بين الشعوب ثم أعادة لم
شملها ورجوعها مرة أخرى في آخر الزمان. ويقوم بالغزو جيوش الحلفاء وفي
مقدمتهم جوج الذي يأتي من أطراف الشمال - وكثير من أسماء هؤلاء الحلفاء
معروف لنا اليوم.- نرى ذلك بوضوح في سفر(حزقيال 39: 2)..
ففي (حزقيال39 :2 - 6):
(يتدخل
الله العلي عن طريق الزلازل والأمراض والأمطار الغزيرة والحرائق والثلج
والتفرقة الداخلية بين جيوش الحلفاء. وهكذا يهزم جيوش الحلفاء شر هزيمة)
وفي (حزقيال 39) نقرأ أيضا
(واضرب
قوسك من يدك اليمني وأسقط سهامك من يدك اليمني فتسقط علي جبال إسرائيل
أنت وكل جيشك والشعوب الذين معك. فتكون مأكلا للطيور الكاسرة من كل
نوع.وحوش الحقل علي وجه الحقل تسقط لأني تكلمت - يقول السيد الرب.- وأرسل
ناراً علي مأجوج وعلي الساكنين في الجزائر آمنين فيعلمون أني أنا الرب)
وفي
(حزقيال 39 :14-15 ) نقرأ عن رجال يمكثون لمدة سبعة أشهر يقبرون الجثث
وإذا وجد أحدهم عظم إنسان فإنه يلفه بالقماش ويدعه حتى يقبره القابرون
فيما بعد...
يتكلم هنا عن دفن آلاف البشر بسبب كارثة ألمت بالبشر (ربما
نتيجة إلقاء القنابل الذرية ثم الإشعاع الناتج عنها)..والقابرون ربما
يكونون فرق تطهير خاصة. وعملية الدفن هذه تتم في مدينة اسمها
(هموته-جوج)..
7- لقد قام (نوستراداموس)
بدراسة موقع الكواكب المختلفة واستخدام كتب تحتوي علي الجداول المتعلقة
بتلك الكواكب مثل جداول (الفونسين) والتي دونتها (جين دي ماريز) وكانت
متوفرة للعامة منذ القرن الرابع عشر أو جداول (دي ماجنس كونيستثاس) في
القرن التاسع والتي استخدامها (نوستراداموس) من حين لآخر..
وبني تكهنات
بحدوث أحداث متشابهة على أساس أن التاريخ يعيد نفسه كما ترك أيضا مجالاً
للقارئ ليستشف أو يتوقع أحداث أخرى من نفسه بأسلوبه الغامض المميز
لرباعياته.
والتنبؤ بهذه الكيفية لا يحتاج الي عرافة أو سحر. فقد قام
الفلكي الأشهر(كاسريوم( بوضع نظام معين ليدون فيه المنجمون افتراضاتهم
المزعومة لتسهيل مهمتهم..
وقد أعتبر علماء الفلك (نوستراداموس) (رجلاً تنقصه الكفاءة والمؤهلات) ليكون واحداً منهم..
يقول الفلكي (بيتر بيمرييه) :
(إن
الحقيقية الواضحة هي أن (نوستراداموس) لم يكن عالما فلكيا أو منجما وكل
تنبؤاته التي تفوه بها انتابها على الأقل خطأ واحد كما أن نصف تنبؤاته
الأخرى تضمنت أخطاء عديدة)
والحقيقة أن (نوستراداموس) كان يشترط على عملائه أن يأتوه ومعهم جداولهم الفلكية والتي يقوم بإعدادها علماء الفلك قبل زيارته!!
لقد أثار هذا العجب في أذهان البعض وتساءلوا عن حاجتهم الي (نوستراداموس)..
فهذا يشبه مريض ذهب ليأخذ رأي طبيب ثان بعد أن شخص الأول حالته بدقة..
..............................................................
هل كان نوستراداموس مجرد ساحر أفاق ؟ |
1- (نوستراداموس) ببساطة مجرد ساحر أفاق درس علم التنجيم وبرع فيه ركوبا للموجة التي كانت منتشرة في تلك الأيام..
2-
ممارسته للسحر والتنجيم ساعدته في أن يظهر في صورة الرجل الخارق الذي ما
إن يقول شيئا حتى يتحقق..فكلنا يعلم أن الساحر يأتيه الجن بخبر السماء في
أحداث ستحدث في المستقبل القريب..
وهذا يفسر الأحداث التي تنبأ بها في حياته مثل حادثة البابا (سكستوس الخامس) أو الملك (هنري الرابع) أو واقعة الخنزير الأبيض..
3-
أما إدعاؤه بأنه كان يتنبأ بأحداث في حياته ويكتمها عن الناس مترقبا
حدوثها.. حتى إذا حدثت انبهر بها وزادت ثقته في قدراته فهو قول يؤخذ عليه
لا له فضلا عن عدم وجود دليل يعضده..
4- أما نبوءاته بشأن الأحداث
المستقبلية فقد صار من الجلي الآن أن نعلم أنه استقاها من اطلاعه على الكتب
السماوية (التوراة والإنجيل)..وخصوصا التوراة التي استفاضت في شرح حوادث
نهاية الزمان..ولا ننسى دور كتابي (أسرار مصر) و (ميرا بيليس) في نبوءاته
باعترافه هو نفسه كما أسلفت..
قد يقول قائل إن الجن امتنع عن الإتيان بخبر السماء بعد بعثة المصطفى صلى الله عليه وسلم كما أخبرنا الله في سورة الجن حيث قال :
(وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا(8)وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا(9))
وأقول له صدقت ولكن انظر إلى حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث قال:
(عن
أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إِذَا قَضَى اللَّهُ
الْأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتْ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا
خُضْوعَا لِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ فَإِذَا
فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا
لِلَّذِي قَالَ: الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِير،ُ فَيَسْمَعُهَا
مُسْتَرِقُ السَّمْعِ وَمُسْتَرِقُ السَّمْعِ هَكَذَا بَعْضُهُ فَوْقَ
بَعْضٍ. (وَوَصَفَ سُفْيَانُ بِكَفِّهِ فَحَرَفَهَا وَبَدَّدَ بَيْنَ
أَصَابِعِهِ) فَيَسْمَعُ الْكَلِمَةَ فَيُلْقِيهَا إِلَى مَنْ تَحْتَهُ
ثُمَّ يُلْقِيهَا الْآخَرُ إِلَى مَنْ تَحْتَهُ حَتَّى يُلْقِيَهَا عَلَى
لِسَانِ السَّاحِرِ أَوْ الْكَاهِنِ فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الشِّهَابُ
قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَهَا، وَرُبَّمَا أَلْقَاهَا قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ،
فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ فَيُقَالُ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ لَنَا
يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا فَيُصَدَّقُ بِتِلْكَ الْكَلِمَةِ
الَّتِي سَمِعَ مِنْ السَّمَاء)
..........................................................
العديد من نبوءاته لم تتحقق |
–يقول المعارضون- قبل أن نتحدث عن نبوءاته دعونا نسرد لكم بعض الوقائع من
حياة الرجل تثبت بالدليل القاطع أنه كان مجرد أفاق نجح في خداع الجميع..
1- نشر (نوستراداموس) في عام 1553 نشرتين جويتين علي النقيض من بعضهما البعض تماما!!
2-بعد
4 سنوات من كتابة توقعاته عن الأحوال الجوية عجزت (تشفيجي) سكرتيرة
(نوسنراداموس) عن الإشارة الي أي منها كحقيقية حدثت وتمت وكان تبريره بأن
سنة التحقيق لم تأني بعد.!!
3- في عام 1557 أصدر 300 نبوءة معدلة وثلاثة تقاويم مختلفة!! ثم في عام 1558 أصدر تقويمين مختلفين تماما!!!
4- اختلاف (حظك اليوم) من ذات الأبراج حينما تقرأ عنها في مجلتين مختلفتين من المجلات التي كانت تنشر له.
5-
تنبأ بوفاة أثنين من الباباوات في عام 1554 وقد حدث هذا بالفعل بعد ذلك
بعام مما أثار دهشة العامة.. ولكن بنظرة إلى البابين المذكورين نجد أن كلا
منهما كان قد بلغ من الكبر عتيا..وكانا في حالة صحية سيئة فلابد للموت أن
يحلق فوق رأسيهما..
فمثلا هب أن أحدهم قال : إني أتنبأ بحدوث حرب
طاحنة في الشرق الأوسط في العام القادم..أو حدوث هجمات إرهابية على
(أميركا).. أو زلزال مدمر في اليابان..فهذا أمر بديهي يتوقع الجميع حدوثه..
6-
قامت صحيفة (أخبار ليوتنزي)في صيف عام 1555 بعمل حوار صحفي مع الكاتب
الشهير(دورانت فيدل)انتقد فيه (نوستراداموس) بل واتهمه أيضا بسرقة عشرة
كراون من امرأة في مدينة (ليون) وهو في طريقه الي قصر الملك.. وذلك
بإعطائها (روشتة) زائفة ولا قيمة لها.. ولما صاحت المرأة :
(أعد لي مالي فوصفتك لا قيمة لها).. رفض الرجل رد ما سلبه منها بلا أدني خجل وبكل وقاحة.
7-
قام الفيلسوف الأشهر(يوليوس سيزار سكاليجر) بقطع علاقته مع
(نوستراداموس) واتهمه بأنه مغرض خبيث ومصدر لاختراع الأكاذيب ومتسول
ومجرم.
8- طلبت المكلة (كاترين) من (نوستراداموس) أن يسأل الجن عن
مصير أولادها بعد موت زوجها (هنري الثاني) فقام (نوستراداموس) باستدعاء
الجن عن طريق التحديق في المرآة السحرية..
ورأت الملكة في المرآة السحرية أولادها تباعا..
حيث
ظهر(فرانسيس الثاني) يتجول في حديقة فسيحة خيالية وهو متوج ثم ظهر
(تشارلز) الذي صار ملكاً بعد (فرانسيس الثاني) وكان يدور في ذات الحديقة
وتكرر ظهوره على المرآة السحرية أربعة عشر مرة وأخيرا ظهر (هنري الثالث)
أخوهم الأصغر في المرآة ودار في الحديقة الخيالية وتكرر ظهوره على المرآة
ستة عشر مرة وقد فسر لها (نوستراداموس) ذلك بقوله :
كل دورة تمثل عاماُ
من الملك لذلك ف(فرانسيس الثاني) سيموت سريعا بعد عام من الحكم ثم يخلفه
الأخ الثاني (تشارلز) والذي سيحكم لمدة 14 عاماً ثم يليه أخوه (هنري
الثالث) والذي سيحكم لمدة16 عاماً..
وقد حدث ذلك بالفعل..
9- تنبأ
بوفاته هو شخصيا في نوفمبر من عام 1557 وبالطبع لم يحدث حيث توفي في يوليو
من عام 1566..بل إن الأدهى من ذلك أن زوجته هي من استدعت القس المحلي
لمساعدته والتخفيف عنه قبل يوم من وفاته لأنه كان يحتضر ويعاني سكرات
الموت..أما الذي أشرف على جنازته ودفنه واقفا بنفسه في الكنيسة فهو ذات
القس الذي مات ميتة طبيعية في فراشه عام 1572..وهذا ثابت تاريخيا ويبين
بالدليل القاطع كذب نبوءته بخصوص من سيقومون بدفنه...
10- ادعي) نوستراداموس) في عام 1555 أن نبوءاته منزلة من السماء وبهذا أعطاها مكانة سامية لا يستطيع أحد أن يطعن فيها.
وقد
أضاف (نوستراداموس) بعد كل تنبؤاته عبارة (الله سبحانه هو فوق كل النجوم)
لكي يجد لنفسه مخرجا إن لم تتحقق أي من هذه النبوءات مدعياً أن الله
سبحانه غير مجري الأحداث وتدخل فيها ..
وعليه فتحقيق النبوءات من عدمه أمر غير مرتبط بصحة النبوءة لكن العبء يقع كله على الله .
ومن الطبيعي أن يعطي هذا إيحاء للعامة أن (نوستراداموس) كان له (خط مفتوح مع الله) لم يتمتع به شخص آخر.
ويحذرنا الكتاب المقدس بكل وضوح في سفر التثنية) أصحاح 18: 10-12)
(لا
يوجد فيك من يعرف عرافة ولا ساحر ولا من يرقي رقية ولا من يسأل جاناً أو
تابعة ولا من يستشير الموتى لأن من يفعل ذلك مكروه عند الرب)
وللأسف فرجل مثل (نوستراداموس) يقع في هذه الطائفة المكروهة والممنوعة عند الرب
من المثير أن تقرأ عن صحة ودقة أنبياء العهد القديم في التنبؤ.. وكان عقاب النبوة الخطأ هو الرجم.
وفي
العهد الجديد يوضح لنا الوحي أن التنبؤ هو هبة من الله والنبوة الحقيقية
مصدرها الحقيقي هو الله .. ولكون الله سبحانه خارج حدود الزمان والمكان
فلا يمكن له أن يكذب وهو يخبر بالنهاية من البداية لأنه مطلع على كل شيء
ولذلك فإن الأنبياء الحقيقيون هم الذين لا يخطئون لان مصدر نبواتهم من الله تبارك وتعالى وهو معصوم من الخطأ ..
والآن- يقول المعارضون– سنكشف لكم بالدليل القاطع مدى كذب الرجل..
سنعقد مقارنة بسيطة بين المتنبئ (نوستراداموس) وبين أنبياء الله الحقيقيين مستعينين بنصوص محددة من الكتاب المقدس..
بمعنى أوضح..سنجيب على سؤال هام تبادر لذهن كل من قرأ عن الرجل..
هل الرجل نبي حقا وعلى صلة بالله؟؟..أم أنه مجرد متنبئ كذاب؟؟
وما الفارق بين نبوءة الكتاب المقدس ونبوءة (نوستراداموس)؟؟
علي
النقيض من التكهنات الغامضة التي ادعاها (نوستراداموس) فان الكتاب المقدس
في غاية الدقة ويتحدث بتفصيلات محددة عن احتمالات حدوث الحرب العالمية
الثالثة ..
1- لقد أشار الكتاب المقدس الي
(يوم الرب) والمدون في سفر ( أشعياء إصحاح 13 ) والمرتبط ببابل والموجود
اليوم بالعراق وطبقا لنبوة أشعياء فإن رب الجنود سيأتي بجيوشه ضد بلد بعيد
من أقاصي الأفق ويستخدمه كأداة تأديب ليدمر أراض كثيرة
وعند مقارنة تلك النبوءات مع نبوءات (نوستراداموس) نجد أن الأخيرة غامضة وعسيرة الشرح والتفسير..
لقد
ذكرت أسفار العهد القديم حوالي 300 نبوءة تتعلق بالمسيح الآتي وقد تحققت
كلها في شخص يسوع المسيح.. وقد دونت في طيات الوحي قبل ظهوره..
مثل
مكان ميلاده (ميخا 5: 2) وزمن ميلاده (دانيال 9: 25- تكوين 49: 10) وطريقة
ميلاده (أِشعياء7: 14) .. ثم خيانته (مزمور 41: 9) و (زكريا 11:12
و13)..وطريقة موته (مزمور 22: 16) سلوك الحاضرين لموته ( اشعياء50: 6 ،
ميخا 5: 1 ، مزمور 22: 7، 8 ، أشعياء 53: 3 ، مزمور69: 8 ، مزمور 118: 22
)..وآلامه (زكريا 12: 10 ، مزمور 22: 16) ..ودفنه (أشعياء 9:53 ..(
كل
هذه النبوءات تفوه بها الأنبياء المذكورين عبر مئات السنين قبل ميلاد
السيد المسيح وأيضا كان البعض منها يتحدث عن صلبه (مزمور 22: 16 ، زكريا
12: 10 ، أشعياء 53: 6) وذلك قبل أن يدخل الرومان عقوبة الصلب في الشرق
الأوسط.. فقد كان الرجم هو العقاب المعروف قبل أن يستخدم طريقة التعذيب
بالصلب في منطقة الشرق الأوسط لاحقا..
تنبأ بظهور المسيح الدجال ولم يظهر |
إن
احد امتيازات القرن الواحد والعشرين هو القدرة علي الرجوع الي الكتب
المدونة في القرن العشرين والسخرية من التكهنات الكاذبة التي لم تتحقق
فمثلا تحدث (نوستراداموس) عن ملك الفولاذ وحدد ظهوره بحلول عام 1999 ولم يظهر حتى الآن..
كما
لم يسمع أحد عن ( ابن الشرق) الذي أشارت إليه (جين ديكسون) والتي قالت
عنه أنه (ضد المسيح) (المسيح الدجال) وكان مكتوباً له أن يولد كما حددت هي
في عام 1962 ولم يسمع عنه حتى الآن أيضا..
. في حين يقدم لنا الكتاب
المقدس معلومات وفيرة عن النبي الكذاب (المسيح الدجال) واليك بعض الشواهد
التي تتحدث عن أنه شخص يقع تحت لعنة الله الأبدية.
نقرأ في (دانيال 11: 36-39) الآتي:
(ويفعل
الملك (النبي الكذاب) كإرادته ويرتفع ويتعاظم على كل إله وبتكلم بأمور
عجيبة على إله الآلهة وينجح إلى إتمام الغضب لأن المقضي به يجري. ولا
يبالي بآلهة آبائه ولا لشهوة النساء وبكل إله لا يبالي لأنه يتعاظم على
الكل.. ويكرم إله الحصون في مكانه وإلها لم تعرفه آباؤه يكرمه بالذهب
والفضة والحجارة الكريمة والنفائس ويدخل في الحصون الحصينة بإله غريب من
يعرفه يزيد مجداً ويسلطهم على كثيرين ويقسم الأرض أجرة)
هذه النبوءة
التي كتبها (النبي دانيال) بإلهام الروح القدس والمحددة تختلف عن نبوءات
(نوستراداموس) الذي يكتب الكثير الذي لا يحوي إلا أقل القليل المحدد..
وهذا هو الفارق بين الغث والسمين..
هذا غير نبوءات أخرى عديدة يزخر بها
الكتاب المقدس وتتحدث بالتفصيل عن (المسيح الدجال) وتفاصيل ظهوره وأفعاله
والأحداث التي تتلو ذلك إلى قيام الساعة والتي سنتعرض لها بالتفصيل في
مقال منفصل بإذن الله...
.....................................................................
والآن هيا بنا نستعرض رباعياته مرة أخرى..ولكن من وجهة نظر المعارضين هذه المرة...
بالطبع
لن أعيد كتابة الرباعيات منعا للملل ولكن بإمكانكم العودة لمطالعتها في
الجزء الأول من المقال إن شئتم..سأعيد فقط كتابة بعض الرباعيات إن احتجت
إليها للتوضيح ولكن هذه المرة بلغتها الأصلية كما خطها (نوستراداموس)
بنفسه..
................................................................
يقول المعارضون:
يحدق في الماء ليستشف المستقبل |
باستعراض طريقته في التنبؤ والتي أوردها في أول رباعيتين له نجد أنها
أساليب استعملت منذ القرن الرابع الميلادي كما بين قواعدها كتاب (الأسرار
المصرية) المذكور آنفا و الذي نشر في (ليون) (فرنسا) سنة 1546 و الذي من
المؤكد أن (نوستراداموس) كان قد اقتناه و استعمل أساليبه إلى جانب غيره من
الكتب التي نص في رسالته لابنه بأن الأجيال كانت تتوارثها خفية وسرا
ولقرون من الزمن.. و هي التي أحرقها و أحالها إلى رماد.
و في الرباعيتين المذكورتين نجد بعض عناصر ممارسة السحر..
الوقت
ليل و (نوستراداموس) جالس لوحده في غرفته وأمامه إناء من نحاس فيه ماء و
هو موضوع على حامل صغير ثلاثي الأرجل .. يحدق في الماء حتى يرى الماء و قد
تعكر و تضبب و تبدأ صور المستقبل بالظهور.
أعتقد بأنه قد صارت لدينا
صورة واضحة عن طبيعة عمل (نوستراداموس) فهو عرافة أو كهانه و تنجيم مع
ممارسة السحر و غيره مما يعرف بالعلوم الخفية أو السرية.. (Occult )
-
فمنها ما كان مباحاً مقبولاً لدى الكنيسة الكاثوليكية التي كانت مسيطرة
على الساسة وعلى المجتمع في آن واحد في ذلك الزمان. فالتنجيم كان أمراً
عادياً و لم يكن بلاط أي ملك من الملوك يخلو من منجم يستشيره في أمور حربه
أو سلمه.. إدارته أو حياته الخاصة..
- ومنها ما كان محرماً أشد التحريم
و يعاقب عليه من يمارسه بالإعدام حرقاً.. وهو ممارسة السحر.. و هذا ما
كان الرجل يخشاه أشد الخشية ..و لهذا فإنه كتب كتابه بذلك الخليط اللغوي
الغريب و نثر تنبؤاته نثرا عشوائياً و بدون تسلسل زمني محدد..
و قد صرح
بذلك لابنه (قيصر) حيث قال له في موضع من رسالته إليه بأنه قد استعمل
الإبهام و التعمية دون الوضوح و الصراحة لكي يفوت الفرصة على الحكام
والكنيسة فلا يتناولونه بسوء ..
لقد كان يخاف من أن يتهم بالسحر فيعاقب على ذلك بالإعدام حرقاً جنبا إلى جنب مع كتبه..
والباحث المدقق في رباعيات الرجل يجد أن أسلوبه كان كالأتي:
1-لا يقدم تفاصيل دقيقة تظهر خطأه عند عدم حدوثها بل استخدام أسلوب الغموض
2-
يكتب بطريقة توحي للقارئ أنه ملم بأسرار المستقبل حتى لو كان الموضوع
تافها دون الإشارة الي أمور محددة وكانت النتيجة أنه أحاط نفسه بهالة من
الغموض مما جعل نبوءاته مليئة بالإثارة
3- التنبؤ بأمور محتمل حدوثها مثل حروب أو أوبئة أو تكهنات جوية أو أحداث سياسية أو موت المشاهير.. مستخدماُ الغموض في كل ذلك
4- إصدار نبوءات كثيرة سيزيد من احتمالات تحقيق بعضها طبقا لقانون (المتوسط الحسابي)..
فمثلا عندما ترمي سهما وسط جمع غفير من الناس فلابد أن يصيب أحدهم أما لو كانوا قلة فاحتمال إصابة أحدهم ستتضاءل..
وفي تكهنات عام 1554 نشر (نوستراداموس) 149 نبوءة جديدة وزادت بعد ذلك الي قرابة 300 نبوءة في السنة
ومن
أجل الصيت والسمعة أضاف بعض النبوءات المتعلقة بأمور حدثت بالفعل مفترضا
أنه مع الوقت سينسى السذج أنها لم تكن نبوءات بل سرد حقائق تاريخية قد
حدثت فعلا..والزمن كفيل بطي كل ذلك في غياهب النسيان..حيث لن تعرف الأجيال
الجديدة أن تلك النبوءات لم تكن إلا سردا لحقائق تاريخية..
(تذكروا
أننا نتكلم عن عصر كانت وسيلة التنقل فيه هي الجياد وكان ينبغي عليك أن
تسافر مسيرة شهرين لتقطع (فرنسا) من شمالها لجنوبها)
5-إعادة التنبؤ بذات النبوءات السابقة التي لم تتم وربما يساعدك الحظ والصدفة علي تحقيق بعضها..
وهكذا أشتهر هذا الرجل ..
6-
سرقة العديد من التنبؤات التي تخص المتنبئين القدامى أمثال (كاسريوم) و
(كونيستثاس) بخصوص المجاعات والأوبئة والكنيسة والحرائق والحروب
والانتصارات والهزائم والزلال و البراكين والأحداث السياسية...إلخ..مع
إعادة صياغتها مرة أخرى
........................................................
2- نبوءته الخاصة بموت الملك (هنري الثاني):
Le Lyon jeune le vieux surmontera ,
En champ bellique par singulier duelle
Dans caige d’or les yeux luy creuera ,
Deux classes vne, puis mourir, mort cruelle
هل تنبأ حقا بموت هنري الثاني ؟ |
وكتب يقول في مقدمتها:
(منذ
دخلت بوجهي العابس أمام جلالة الإله الغير محدود أقول لك أيها الملك
المسيحي المنتصر العظيم إني دخلت في دهشة وحيرة هزتني وبعد أن داومت في
العبادة وتقديم الكرامة لله في ذلك الوقت أحسست بشيء يمسكني وبرغبة حارة
في أن أنتقل من مرحلة الغموض الي حالة النور والوعي في حضرة ملك الكون(
وكما
نرى لا توجد أدلة في تلك الرسالة التي كتبت قبل سنتين من موت (هنري
الثاني) تشير الي أن (نوستراداموس) علم وأنبأ بموت هذا الملك فقوله :
(أيها الملك المسيحي المنتصر العظيم) لا يشير الي شيء بقريب أو بعيد عن
مقتل (هنري الثاني)..
ومن المنطقي إن كانت هناك نبوءة تتحدث عن موت (هنري الثاني) لصلى (نوستراداموس) ودعا الله له لحفظه وحمايته من هذا الحادث الفظيع..
والأدهى
من ذلك أن نعرف أن (مونتجمري) كان أصغر من (هنري) إلا أن (نوستراداموس)
أشار إليه بالأسد الكبير المسن وهذا ليس صحيحا وقد تم تحريف الرباعية عند
تفسيرها لتنطبق على ما حدث فعلياً.
أما الأكثر إثارة للدهشة هي إشارة
(جيمس راندي) في كتابه (قناع نوستراداموس) إلى أن الفرنسيون لم يستخدموا
قط رمز (الأسد) كرمز للملكية فقد كان رمزهم الملكي وما زال هو (الديك)..
وبالرجوع
الي النبوءة بنظرة متمعنة نجد كلمات مثل (ميدان قتال) و(معركة واحدة) ومن
الغريب أن يشار لمصارعة الفرسان على أنها ميدان قتال بدلا من الإشارة
إليها كنوع من المصارعة الترفيهية وكما هو معروف أنها تتم في ساحة وليس في
ميدان قتال..
و قال (نوستراداموس) أيضا في نبوءته (ستقلع عيناه في داخل قفص ذهبي) وهذا لم يحدث نهائياً ..
حيث إن سبب الوفاة كان إصابة شديدة في الجمجمة فوق منطقة العين اليمني..ولم تتضرر العين نفسها..
وأيضا لم يكن للذهب وجودا..حيث إن الخوذة والسيف والدرع مصنوعين من الحديد لا الذهب عدا مقبض السيف ربما مع طلائهم بماء الذهب..
وقوله
بأن (أثنين سيهربان من واحد ثم الموت) لا علاقة له بالمرة بما حدث
..فالموت كان مأساة وليس قتالا وانتصارا لأن ما حدث كان خطاْ فلم بكن هدف
المصارعة بالسيوف هو قتل الواحد للآخر وما حدث لم يكن نتاج جيوش تحارب
بعضها البعض لكنها كانت مأساة وقعت بخطأ غير مقصود..ثم من هما الاثنان
اللذان فرا من الموت؟؟
................................................................
3- نبوءته الخاصة بهزيمة (هتلر) :
Bestes farouches de faim fleuues tranner ,
Plus part du champ encontre Hister sera .
En caige de fer le grand sera treisner ,
Quand rien enfant de Germain obseruera .
هل تنبأ بنهاية هتلر |
يقول
(هنري روبرتس) في كتاب (نبوءات نوستراداموس الكاملة) بأنه يؤمن بأن
النبوءة السالفة إنما هي إشارة لمصير (أدولف هتلر) في (برلين)..
إلا أن مبنى المستشارية الذي قضى في قبوه (هتلر) آخر أيام حياته لا يمكن أن يطلق عليه اسم (القفص الحديدي)..
أما المفاجأة الكبرى فهي :
في المصطلحات الجغرافية الرومانية القديمة يسمي منخفض(نهر الدانوب) باسم (هيستر) وتوضح ذلك أيضا الخرائط الجغرافية القديمة..
وقد تم تفسير السطر الأخير من النبوءة علي أنه إشارة الي ما يصفه طفل ألماني عند رؤيته الغزال..
وفي اللغة الفرنسية (وهي اللغة التي كتبت بها النبوءة) فإن كلمة غزال لا تمت للمعني بشيء فأصل الكلمة الفرنسية هي ..(Rien ) :
فهذه النبوءة هي مجرد تكهنات عشوائية حاول المفسرون تفصيلها على الأحداث العالمية لتصبح ذات مغزى تاريخي.
لقد
حاول (هتلر) و(جوبلز) استغلال هذه النبوءة ..ولكن فاتهما أن القائد
العظيم الذي تتحدث عنه الرباعية سيساق في قفص حديدي ليتم القصاص منه وسط
الجماهير..وهذا ما لم يحدث..
وكدليل ساطع يكشف بوضوح كذب تلك النبوءة نسوق نبوءة أخرى للعراف الأشهر(إدجار كايسي) تنبأ بها في نوفمبر علم 1944وقال فيها:
(وبينما
كان رجل متعلم في الربع الأخير (من الشهر القمري) يسير علي شواطئ
نهر(الهيستر) والمسمي أيضا (الدانوب) اكتشف أن الأرض كانت تتحلل وان النهر
سوف يختفي يوما ما (.
أظن أن الأمر واضح الآن...
..............................................................
4- نبوءاته الخاصة بالكاردينال (مازاران) و(نابليون) و (موسوليني) والثورة الإيرانية:
كالعادة نبوءات غامضة يمكن أن تفسر بألف تفسير مختلف..
وحدوثها
تم كنتيجة لتفسيرها وفق الأهواء..مثل ما حدث مع الكاردينال الذي حطم
خصومه أعصابه بتلك النبوءات مما أدى في النهاية لخسارته نتيجة تحطم
معنوياته..
قديما قال (أرسطو) :
(إنك ستخسر فقط عندما تؤمن أنك ستخسر)
ويبقى السؤال..إذا ابتلعنا فكرة عدم ذكره لتواريخ محددة مخالفا ما فعله مع نبوءاته الخاصة بفرنسا لكونه فرنسيا..
فلماذا لم يذكر أسماء (مازاران) و(نابليون) و(موسوليني) و(الخميني) والشاه (محمد رضا بهلوي)..
ولو حتى بأسلوب التصحيف كما فعل مع (هتلر)..أم أن تلك النبوءات لم يكونوا هم المقصودين بها؟؟
ولماذا لم يذكر التاريخ في نبوءة الكاردينال (مازاران) رغم كونه فرنسيا؟؟..
ومن جديد نستعير كلمات الأخت الفاضلة قارئة حين قالت (إن المفسرين ركبوا اللحن على الكلمات)
.............................................................
5- نبوءته الخاصة بانهيار برجي مركز التجارة العالمي في (نيويورك)
Cinq et quarante degrees
ciel bruslera
Feu approcher de la grand cite nauveux
Instand grand flame esparse sautera
هل تنبأ بهجمات الحادي عشر من سبتمبر ؟ |